IMLebanon

انتخابات الجنوب: الشيوعيون «مش بهارات»!

عندما اتخذت قيادة الحزب الشيوعي اللبناني قرارها قبل عدة أشهر بشأن الانتخابات البلدية، وحددت وجهة التعامل في مواجهة الثنائيات الطائفية في كل المناطق اللبنانية، اكتسبت هذه الوجهة زخما أكبر عندما أقرها المؤتمر الأخير للحزب بإجماع الحاضرين، ليبدأ العمل على أساسها..

ومنذ أشهر، عندما وقع البعض بالإحباط بنتيجة ما آل إليه الوضع سواء على صعيد «هيئة التنسيق النقابية» وتشتت قوى الحراك الشعبي، رأينا في قيادة الحزب حينها، ضرورة إطلاق حركة مقاومة شعبية لهذا الإحباط باتجاه الاستفادة من هذا التراكم وجعله نواة حركة شعبية جديدة، تحول انهيار الدولة الطائفية، إلى مناسبة للتغيير الديموقراطي باتجاه بناء الدولة العلمانية الديموقراطية المقاومة، دولة العدالة الاجتماعية. لأن الانتظار أو الممارسة المترددة، قد تفسح المجال مجدداً أمام قوى النظام للتوحد من أجل حمايته وتجديده.

على هذه القاعدة، قررنا الانخراط في معركة الانتخابات البلدية في ثقلها السياسي الواسع، بما فيه الانماء، وعدم فصل السياسة الانمائية عن عملية النضال من أجل التغيير الديموقراطي.

هذا هو البعد السياسي الحقيقي لما أردناه من الانتخابات البلدية. فكانت نتائج البقاع وبيروت (برغم دورنا المحدود في العاصمة)، وفي قرى الجبل، تأكيداً على صحة القرار وامكان تنفيذه، وكانت حرية قرارنا متجسدة بـ»وعي الضرورة»، ضرورة التغيير وإلاّ ضياع الوطن.

إن نتائج بيروت والبقاع، دفعت بالتحالف السياسي الطبقي ومن على طاولة الحوار للاستنفار من أجل حماية النظام عبر بوابة «قانون الستين». برغم ذلك، مضينا بالمواجهة، فكانت المرحلة الثالثة من الانتخابات البلدية في الجنوب، وهذه هي بعض الملاحظات الأولية والسريعة على نتائجها، في انتظار تقييم مستقبلي أشمل:

أولا، أن نتائج المرحلتين السابقتين(بيروت والبقاع والجبل)، دفعت بالثنائيات وقوى الأمر الواقع للاستفار من أجل حشد قواها. فكانت عملية تعبئة غير مسبوقة من أجل تكثيف المشاركة، التي كان الاعتكاف عنها من قبل جمهور الثنائيات تعبيراً عن الاحباط الذي يسوده، بنتيجة المواقف السياسية والممارسات في المؤسسات التي يتواجدون في قيادتها وخاصة في البلديات. ولا نستثني صيدا من هذا الاستنفار في مواجهة لائحة «صوت الناس».

ثانيا، هذا الاستنفار والهلع، دفع بأطراف ثنائية الجنوب إلى ارتكاب «خطايا» كبيرة بحق المقاومة وأهل الجنوب. الأولى، هي في استخدام المقاومة شعاراً للفرز في بيئة مقاومة بمجملها. والثانية، استغلال الدين كعامل تحريض وتعبئة وهذا ليس بعيداً عن القوى الطائفية والدينية المختلفة، والثالثة، هو استغلال عامل الوظيفة والمال في تحريك الماكينات الانتخابية.

ثالثا، أن النسبة الكبيرة من الأصوات في كل القرى التي خاضت فيها قوى اليسار والديمقراطية معارك من موقعها المستقل الرافض لمنطق المحاصصة، أثبتت أن ما درج الاعلام على ترويجه، بأن اليسار هو نوع من البهارات تزيّن أكل الجنوب، هي دعاية مشبوهة. فالنهج المقاوم، ببرنامجه الشامل الذي يقرن التحرير بالتغيير وحمل قضايا الناس، هو نهج مستمر ومحتضن من قبل جمهور الجنوب وهو في مرحلة نمو مضطرد، وذلك بغض النظر عن عدد الأعضاء المنتخبين أو «الخارقين» وكلمة «الخرق» هنا أصبحت بالنسبة للشيوعيين كلمة مفتاحية.

رابعا، أن الفرحة الكبرى ليست بعضوية مجلس بلدي أو اختياري، بل بطبيعة المعركة، كما أن الفرحة الأكبر كانت بتنفيذ وجهة الحزب التي جهدت منظمات الجنوب بالتوازي مع التحضير لمؤتمر الحزب من أجل تأمين مقومات نجاحها، فالتحية لكل هؤلاء ومنهم تحية للجنوب. كل الجنوب.

(&) الأمين العام السابق للحزب الشيوعي اللبناني