منذ تولي غادي إيزنكونت رئاسة اركان الجيش الإسرائيلي عكف على وضع النظرية الآتية وهي ان الحرب المقبلة مع “حزب الله” واقعة لا محالة ويجب الاستعداد لها بكل الوسائل؛ لكن ينبغي في الوقت عينه الحؤول بشتى الوسائل دون وقوعها.
ومن أجل التوفيق بين الاستعداد للحرب والمساعي لمنع وقوعها، عمل أيزنكوت على خطين: الخط الاول عسكري يتناول اعداد الفرق العسكرية للحرب من خلال تكثيف التدريب، وتطبيق دروس الحروب الإسرائيلية على غزة، وتعزيز سلاح المشاة الإسرائيلي لمواجهة خطر الانفاق وعمليات تسلل نوعية وتحديث الاستخبارات. والخط الثاني اعلامي دعائي يقوم على شن حملات تهديد موجهة الى “حزب الله”، والقيام بحملات دعائية في الاعلام الغربي. ولهذه الغاية انشأ إيزنكوت شعبة خاصة في الجيش للسياسة الاعلامية والديبلوماسية مهمتها التواصل مع وسائل الاعلام ولا سيما منها الاجنبية من أجل تمرير رسائل الى الحزب، وانشاء قنوات تواصل مع الديبلوماسيين الاجانب لإطلاعهم على مستجدات الوضع من وجهة نظر الجيش الإسرائيلي.
ضمن هذا الاطار، يمكن ادخال المعلومات الاخيرة التي نشرتها صحيفة ” النيويورك تايمس” الاسبوع الماضي نقلاً عن ضباط إسرائيليين والتي تظهر بالصور والارقام كيف ينشر “حزب الله” ترسانته الصاروخية داخل البلدات الشيعية في الجنوب خارقاً القرار 1701، ومستخدماً المدنيين على حدّ زعم هؤلاء المسؤولين “دروعاً بشرية”.
فما الغاية الحقيقية من حملة التهديدات الإسرائيلية لـ”حزب الله”؟ والى أي حد هي مؤشر لاحتمالات تصعيد محتملة قريبة على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية؟
ان الهدف الاساسي لتجدد الحملة الإسرائيلية على خرق “حزب الله” قرار مجلس الأمن 1701، والحديث عن مخاطر ترسانته الصاروخية على إسرائيل، هو تعزيز معادلة الردع القائمة بين إسرائيل و”حزب الله” وخصوصاً في ضوء التصريحات الأخيرة للأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله بعد عملية مزارع شبعا مطلع السنة الجارية عن تغيير قواعد اللعبة واستعداد الحزب للرد على أي هجوم إسرائيلي عليه سواء في لبنان أم في سوريا. هدف آخر هو ردع الحزب عن نقل عتاد عسكري متطور من سوريا الى لبنان في ضوء تراجع سيطرة النظام السوري.
لكن ثمة هدفاً آخر لا يقل أهمية وخطورة عن سابقيه هو سعي الجيش الإسرائيلي الى الحصول على الشرعية الدولية لاستخدام كامل قوته ضد مناطق انتشار الحزب في الجنوب حتى لو أدى ذلك الى وقوع اصابات كبيرة بين المدنيين بحجة ان هؤلاء موجودون في مناطق عسكرية.
التسويق الإسرائيلي لفكرة تحول القرى الجنوبية مناطق عسكرية اثناء الحرب مؤشر خطر للنيات العدوانية الإسرائيلية.