Site icon IMLebanon

موسكو مع ما “يُريح” إسرائيل على الحدود!

 

لا تزال الأوضاع خطيرة جداً ومعقّدة، ولا يعرف أحد كيف ستنتهي الحرب في قطاع غزة أو المناوشات في جنوب لبنان، وكيف ستتطوّر الأوضاع وإلى أين ستصل. ولا تزال سيناريوات عدة مطروحة واحتمالات عدة قائمة وخيارات لم تسقط بعد، ومن بينها أن تفرض إسرائيل أمراً واقعاً على حدودها، شمالاً وجنوباً. فطالما أنّ الـ»End game» في غزة مجهول سيبقى الخطر على لبنان قائماً.

 

حتى الآن، لا طلب رسمياً من أي دولة، وخصوصاً من الولايات المتحدة الأميركية، إلى لبنان، في ما يتعلّق بإنشاء منطقة عازلة جنوباً، لكنّ الجهات المعنية والمؤثرة كلّها تطالب بتطبيق القرار 1701، منعاً لضربة إسرائيلية كبيرة هدفها إجبار «حزب الله» على التراجع بالقوة. واشنطن والغرب كلّه يهتمان بأن لا يكون هناك تهديد لإسرائيل من لبنان، على غرار عملية «طوفان الأقصى» في 7 تشرين الأول 2023، لكن هذا يتطلّب تسوية إقليمية كبرى، فإيران و»حزب الله» لن يُقدّما خدمة مجانية للولايات المتحدة وإسرائيل، بل هذا يأتي ضمن «Deal» واسع لترتيب المنطقة، يتطلّب أشهراً بالحدّ الأدنى، بحسب مصادر ديبلوماسية.

 

لذلك، يبقى احتمال أن تنفّذ إسرائيل تهديداتها بفرض منطقة آمنة على حدودها الشمالية، أي جنوب لبنان، بالقوة، قائماً، رغم أنّ مصادر سياسية وديبلوماسية عدة، تُجمع على أنّ واشنطن ليست في وارد السماح لإسرائيل بذلك، لأنّ هذا الهجوم الواسع يعني حرباً إقليمية. لذلك، تبدي مصادر ديبلوماسية قلقها على الوضع في لبنان، وانطلاقاً من هذه المعطيات، تحاول جهات غربية العمل على تطبيق القرار 1701 منعاً لحربٍ واسعة. ويبدو، أنّ روسيا، كما الدول الغربية، مع الوصول إلى ترتيبات تريح إسرائيل وتعيد مستوطنيها إلى «منازلهم». وإذ إنّ روسيا تتخذ موقفاً متوازناً من الحرب في قطاع غزة، ودعمت الفلسطينيين ضدّ إسرائيل، وستُشهر الفيتو في مجلس الأمن ضدّ أخذ القرار 1701 إلى الفصل السابع أو تعديله- علماً أنّ أياً من الأمرين لم يُطرح بعد- إلّا أنّ هذه المواقف الروسية غير مرتبطة مباشرةً بلبنان، بل بالمصالح الروسية وبالتوتر الروسي – الغربي في أوكرانيا واندماج الإسرائيليين بالسياسة الأميركية – الغربية في كييف، بحسب مصادر على صلة بالمسؤولين الروس.

 

لكن على الرغم من ذلك، لم يتغيّر الموقف الروسي العام من إسرائيل، فاستراتيجياً، إنّ روسيا حريصة على إسرائيل بمقدار ما تحرص واشنطن على تل أبيب، بحسب المصادر نفسها. وبالتالي، إنّ اعتقاد البعض في لبنان أنّ موسكو ستقف مع العرب والفلسطينيين ولبنان ضدّ إسرائيل، هو عبارة عن أوهام. إذ على الرغم من أنّ هناك هامشاً معيناً تتحرّك روسيا ضمنه الآن، وهو لا يرضي إسرائيل، إلّا أنّ لروسيا مصالحها، وهي تدعم حُكماً الحلول التي تريح إسرائيل، علماً أنّه من أصل نحو 6 ملايين ونصف مليون يهودي في إسرائيل هناك مليون و800 ألف من دول الاتحاد السوفياتي سابقاً، وكثيرون منهم يملكون جنسيات مزدوجة روسية – إسرائيلية.

 

جميع المسؤولين الروس يؤكدون حرص بلادهم على أمن لبنان واستقراره، لكنّهم يدعون في الوقت نفسه، إلى عدم الانجرار إلى استفزازات قد تؤدّي إلى انفجار واسع في لبنان والمنطقة. وتدعو موسكو إلى التبريد وعدم السماح بتوسيع رقعة النزاع لأنّ هذا لن يكون لمصلحة لبنان، خصوصاً في ظلّ القوة التدميرية التي تملكها إسرائيل، إذ بمعزل عمّا إذا ربحت إسرائيل الحرب أم لا إلّا أنّها في الحالات كلّها ستخلّف دماراً كبيراً.

 

وبالتالي، إذا أقدمت إسرائيل على توجيه ضربة كبيرة إلى «حزب الله»، فستقف موسكو «متفرّجة»، ومن المحسوم أن لا دعم من روسيا لـ»الحزب» على هذا المستوى، فروسيا لا تدخل لا في تمويل «حزب الله» ولا تسليحه ولا دعمه، فهي تدعو إلى التهدئة وعدم توسيع الجبهة، وحريصة على لبنان وأيضاً على أمن إسرائيل، رغم «الفتور» تبعاً للموقف الإسرائيلي في أوكرانيا. وإذ إنّ روسيا تبلغ إلى المسؤولين في إسرائيل حرصها على عدم الاعتداء على لبنان، إلّا أنّها لن تتدخّل، إذا قرّرت إسرائيل توجيه ضربة قوية لـ»الحزب»، ويُمكن استنتاج ذلك ممّا يحصل في سوريا، حيث تقصف إسرائيل، أسبوعياً وأحياناً يومياً، مواقع لإيران و»حزب الله»، أمام أنظار القوات الروسية التي لم تتدخل مرةً.