Site icon IMLebanon

شبهات أم ثرثرة فوق نبع الطاسة؟

   

 

قبل أشهر، شرعت مؤسسة مياه لبنان الجنوبي بتنفيذ مشروع “تطوير وتأهيل فائض المياه الشتوي في نبع الطاسة” بتمويل من منظمة اليونيسيف. لكن أخيراً، انطلقت حملات أهلية في بلدتَي جرجوع وعربصاليم تعارض المشروع وتحذّر من المسّ بالحقوق المائية المستحقة لجيرانه.

 

لا يمكن تحديد معيار واحد للخروج من أزمة المياه لبنانياً. بعد عقود من اتهام الدولة بهدر مياه الأمطار وتركها تذهب في البحر من دون استثمارها، وجد البعض في إقليم التفاح أن استثمار فائض مياه الأمطار في نبع الطاسة ليس علمياً، بل مشبوهاً، وتحرّكه الصفقات والفساد.

أمام النبع، نفّذ عدد من الناشطين من بلدتَي جرجوع وعربصاليم وقفة احتجاجية يوم السبت الفائت بدعوة من جمعية “نداء الأرض”. رئيستها زينب مقلد عرضت أسباب رفض المشروع، بدءاً من عدم الاقتناع بأن “الفائض يكفي لتزويد البلدات بالمياه إلى ضخها من دون دفع مليم واحد من التعويض على المستحقّين”. ولفتت إلى أن “ما من نهر في لبنان عومل بالقسوة التي عومل بها نهر الزهراني. سُحبت كلّ مياهه من باب النبع، ودُمّرت بيئته لأنّ حوله سكاناً مسالمين يؤثرون الابتعاد عن المشاكل، حتى ولو أدى بهم الأمر إلى تضييع حقوقهم”.

 

 

هذه المرة، انبرى عدد قليل من أولئك السكان للتصدي للمشروع التنفيعي مثل كل المشاريع السابقة التي أضرّت بنبع الطاسة ومجرى نهر الزهراني ولم يستفد أبناء المنطقة منها قيد أنملة”. وقبل الاعتصام بثمانية أيام، لبّت مقلد وناشطون آخرون دعوة رئيس اتحاد بلديات إقليم التفاح بلال شحادة والمدير العام للمؤسسة وسيم ضاهر لتوضيح مراحل المشروع وبلّغوا أنهم سيشكلون لجنة لمراقبة تنفيذه، مؤلفة من ثلاثة أعضاء؛ من بينهم مهندس وخبير. وغمزوا من قناة الفساد والتنفيعات، للتصويب على المتعهد المكلف بالتنفيذ من قبل المؤسسة بتمويل من اليونيسيف وتحت إشراف شركة استشارية مكلفة من المنظمة الدولية.

 

استفادة 25 بلدة

مشروع “الفائض الشتوي” وضعته المصلحة عام 2019 وأسندت إجراء دراسة خاصة به لشركة “دار الهندسة” قبل أن تعلن عنه في استراتيجيتها المائية لعام 2020. فيما أدرجته وزارة الطاقة والمياه ضمن خطتها الاستراتيجية ومشاريع توفير المياه، التي أقرّها مجلس الوزراء قبل أشهر. ومن المنتظر أن تستفيد 25 بلدة في إقليم التفاح والنبطية من “الفائض” لحوالي ستة إلى سبعة أشهر في العام. وهي البلدات نفسها التي تستفيد من مياه النبع، إنما عبر محطات الضخ. واللافت أن جرجوع في الأساس لا تستفيد من الطاسة الذي ينبع من سفحها السفلي، إنما من آبار جوفية تزوّدها بالمياه. فيما جارتها عربصاليم تستفيد من مياه النبع. فما الجديد الذي يقدمه المشروع؟

 

 

الاعتماد على الجاذبية

في حديث إلى “الأخبار”، أوضح ضاهر أننا “نستحدث شبكة أنابيب جديدة سنربطها بالشبكة القائمة المؤدية إلى الـ 25 بلدة. الأنابيب الجديدة مخصّصة لسحب مياه الأمطار التي تفيض من نوافذ محطة الضخ المشيّدة فوق النبع خلال موسم الأمطار الغزيرة. لذلك، نقوم بتشييد خزان صغير لتجميع تلك المياه قبل ضخها في شبكة الأنابيب الجديدة. وقد تبلغ القدرة القصوى على السحب 80 ألف متر مكعب يومياً عند أقضى درجات المفيض”.

 

يحصر المدير العام لمؤسسة المياه وسيم ضاهر المشروع بالاستفادة من المياه الجوفية

 

 

الميزة في مشروع “الفائض” أنّه يعتمد على الجاذبية وليس على محطات الضخ. “عدنا إلى خيار الجاذبية الطبيعية بعد أزمتَي انقطاع الكهرباء و فقدان المازوت وارتفاع أسعاره وضعف فعالية أنظمة الطاقة الشمسية على تشغيل محطة الضخ الحالية خلال الشتاء”. من هنا وحتى عام واحد، يبشّر ضاهر البلدات الـ 25 بوفرة المياه التي ستسيّرها الجاذبية في الشبكات من جرجوع باتجاه آبار البلدات في إقليم التفاح من ناحية، والنبطية وكفررمان جاراتها من ناحية أخرى.

 

 

لجنة للمراقبة

يحصر ضاهر مشروع الطاسة ضمن إطار “الاستفادة من المياه الجوفية”. لكنه ينفي المسّ بمجرى نهر الزهراني الذي يتغذّى من النبع. وذّكر بإفشال مشروع السدود الصغيرة على طول المجرى الذي اقترحه سلفه المدير العام السابق للمؤسسة أحمد نظام، لتأمين المياه إلى جيران النهر. “إلا أن مقترح نظام أفشل أيضاً، من دون تقديم بديل علمي لحلّ أزمة انقطاع المياه لحوالي 60 ألف مشترك في المنطقة” قال ضاهر. الأخير رحّب بلجنة المراقبة التي اقترحتها “نداء الأرض”، لافتاً إلى أن “فائض الطاسة سيكون بداية لمشاريع مماثلة للاستفادة من مياه الأمطار بدل هدرها في البحر”.