ماذا يعني مشهد وزيرين في حكومة مستقيلة وهما يمارسان لعبة «التحجير»على الحدود الجنوبية؟
فلنتصور بوتين وهو يقف على الدنيبر رامياً أوكرانيا بالحصى، أو زيلنسكي متصدّياً له في الجهة المقابلة بـ»نقيفة» بعيدة المدى. أو لنتصور ماكرون وقد استعاد العداء التاريخي بين ألمانيا وفرنسا يمتشق سلّة بحص يغطي فيها أنحاء الألزاس فتردّ عليه ميركل بدبشةٍ من الوزن الثقيل؟
فيلم الوزيرين لا يعني في ظروفنا شيئاً في ما يخص المعركة المفتوحة مع «العدو الصهيوني الغاصب». هو تكرار لأفعال سيّاح ومستشرقين من هواة الصورة المجانية، يذهبون الى نقاط توتر يلتقطون أو تُلتقط لهم مشاهد للنشر، ثم يقفلون عائدين إلى مكاتبهم المكيّفة ضد الإمبريالية.
صورُ رمي الحصى قد تستبطن أيضاً استعادة لرمي الجمرات على الشياطين، وليست تأثيرات من هذا النوع بعيدة عن أن تكون في أساس حماسة المستقيلين مُصرفَيّ الأعمال، خصوصاً أنهما من أنصار مكافحة الشيطان الأكبر فكيف مع الشيطان الأصغر. وهذه المكافحة قد تكون في اعتقادهما مفيدة في تثبيت الولاء، هذا الولاء الذي جعلهما في منصبيهما، وبقاؤهما في المنصبين يقتضي صورة وحجارة على الحدود.
لكن الكاريكاتور ليس الحقيقة كاملة. هو ترميز لها، وربما لأن البلد أصبح مع النخبة المتسلّطة مساحةً كاريكاتورية شاسعة، يمكنه تحمّل مشهد إضافي، إلا أنه لا يُلغي جدية الواقع الذي نعيشه. فالأهم والأجدى ليس في رمي الجمرات في وجه الشيطان، وإنما في كهربة البلد، وليس في صورة تثير السخرية وإنما في حلّ الأزمات الاجتماعية والإقتصادية، وعندها لا داعي للبحص ولا لطبخه، فقوة البلد الاقتصادية والاجتماعية كفيلة بجعل العدو يرتجف من دون عضلات وزيرين قد يثيران غيرة زملائهما فيذهب الجميع في مهمة حدودية ويتركون وزاراتهم للعتمة والفراغ.
أراد الوزيران ببساطة أن يسجّلا رغبتهما في مواصلة النضال الوزاري، وربّ عملهما سيلبّي، على الأرجح، هذه الرغبة، ولو كنت أدري لأهديتهما جزءاً من الشريط الحدودي الشائك قصصته وجئت به الى قبو منزلنا يوم التحرير في عام 2000. لقد كان ذلك الفعل انتصاراً يستحق مقابله ثلاثة وزراء.