IMLebanon

تقديرات لأهداف اسرائيل من التصعيد: جرّ أميركا للحرب؟

 

بدا من مسار المواجهات العسكرية عبر الحدود الجنوبية خلال الاسبوعين الماضيين، انّ هذه الجبهة لن تهدأ في القريب العاجل، بل هي تتخذ منحى تصاعدياً يومياً، بعد تكاثر عمليات المقاومة (لبنانية وفلسطينية) من بعض قرى الجنوب الحدودية مع فلسطين المحتلة، واتخاذها طابعاً نوعياً بعض الاحيان، كما حصل منذ ثلاثة ايام، خلال اقتحام المقاومة احد مواقع جيش الاحتلال ورفع راية المقاومة عليه. ومن خلال الردّ العسكري الاسرائيلي على اهداف مدنية لا عسكرية فقط في القرى الجنوبية، وتحضيرات الكيان الاستباقية لتوسيع المواجهات.

وكان التطور البارز ميدانياً إعلان «قوات الفجر» الجناح العسكري للجماعة الاسلامية في لبنان في بيان، قصف مواقع للإحتلال بالصواريخ رداً على قصف الأحياء السكنية المدنية في شبعا وبلدات منطقة العرقوب، ما يعني عملياً دخولها في المواجهة العسكرية ولو بحدود الردّ على القصف الاسرائيلي لمنازل المدنيين.

وقد اعترف الاعلام العبري «انّ يوم الاربعاء كان من اقوى ايام القتال على الجبهة الشمالية»، مشيراً الى إنشاء مستشفى ميداني في الجليل لتسريع معالجة المصابين بالمواجهات، عدا قرار إخلاء مستوطنة «كريات شمونا» بالكامل من سكانها، ونقل المستوطنين في المستوطنات المقابلة للجنوب مسافة 5 كيلومترات الى الداخل الفلسطيني.

 

هذه المؤشرات تدلّ إلى انّ مواجهات الحدود الجنوبية قد تتصاعد اكثر ولو بقيت ضمن اطار قواعد الاشتباك، وقد تتجاوزها اذا خرقتها اسرائيل بتوسيع نطاق الاعتداءات على المدنيين وتوسيع الردّ الى مناطق اخرى خارج الجنوب، بحيث يتدحرج الوضع الى مواجهة اوسع وأعمق مسافة من القرى الحدودية، وتشهد الجبهة عمليات نوعية اكبر للمقاومة ضدّ المواقع العسكرية للإحتلال والتسلّل الى بعض المستوطنات، لضرب الحاميات العسكرية فيها والسيطرة عليها ولو مؤقتاً.

 

وفي تقدير احد الخبراء العسكريين المتابعين عن قرب للوضع الجنوبي منذ العام 2000، انّ اسرائيل قد تسعى لإستدراج «حزب الله» الى حرب ولو محدودة، وبهدف سياسي وعسكري اكبر وأوسع، هو محاولة جرّ الولايات المتحدة الاميركية الى الحرب المحدودة ضدّ «حزب الله»، علّها تريح اسرائيل من أعباء مواجهة مكلفة كثيراً مع لبنان. كما انّ الكيان الاسرائيلي يعتقد أنّ جرّ الحزب والاسطول الاميركي الى مواجهة واسعة او حرب محدودة، يُريح بعض العرب والمجتمع الدولي من الإحراج تحت عنوان انّها «حرب ايران ضدّ اسرائيل وليست حرب المقاومة في لبنان».

 

لكن هذا التقدير الاسرائيلي لا يبدو ناجحاً، لأنّ هدفه توريط الادارة الاميركية في الحرب، وهي ترفض ذلك وتضغط على الكيان العبري كما على لبنان لمنع توسيع المواجهات، لأنّها تدرك عبر تقارير وزارة الدفاع والمخابرات الاميركية عدم جهوزية وقدرة اسرائيل على توسيع الجبهات والنجاح في اي مواجهة واسعة او حرب ولو محدودة، لذلك فمن الأولى بالإدارة الاميركية الّا تدخل هي في اشتباك اومواجهة عسكرية في لبنان او في غزة. كل هذا معطوفاً على وقف الرئيس الاميركي جو بايدن خلال زيارته فلسطين المحتلة لاندفاعة نتنياهو نحو إجتياح برّي لقطاع غزة، والضغط عليه لإدخال المساعدات الانسانية المختلفة الى القطاع المحتل، ولو كان الهدف الأبعد ليس انسانياً بل هو تحرير الأسرى الاميركيين والغربيين لدى حركة «حماس».

 

ومع ذلك يؤكّد الخبير العسكري المخضرم، انّ ثمة اياماً صعبة ستمرّ على لبنان والمنطقة في ظلّ استمرار»الجنون الاسرائيلي»، ومحاولاته اليائسة للخروج من تداعيات الضربة القاصمة عسكرياً ومعنوياً التي وجهّتها له حركتا «حماس والجهاد الاسلامي» وبعض الفصائل الفلسطينية الاخرى، والتي ما زال «المجتمع الاسرائيلي» يرزح تحت نتائجها التي خلخلت اسس عاش عليها الكيان الاسرائيلي منذ العام 1948، عدا عن انّه بات عاجزاً وفق كل التقديرات الاسرائيلية والغربية، عن استرجاع هيبته المكسورة، لا بعملية عسكرية اوحرب تدميرية في فلسطين ولبنان، ولا بالمجازر المروعة التي هزّت دول العالم حتى أكثريتها الداعمة للكيان. وقد قال نتنياهو امس: «هذه الحرب ستكون طويلة، ونحتاج لدعم من دول العالم لكسبها»، ما يعني انّ جيشه لن يستطيع ربح اي معركة بمفرده بل باستدراج دول العالم.