Site icon IMLebanon

تعديل الحدود الجنوبية: أخطر من أن يُترك لضابط طامح

 

 

إنه أسبوع الحسم في مسألة تعديل الحدود البحرية الجنوبية. ما هو مطروح للنقاش حالياً، اقتراح تقدّمت به قيادة الجيش، نهاية عام 2019، تطلب فيه تعديل الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة، بما يُضيف إلى لبنان مساحة 1430 كيلومتراً مربّعاً. واعتمدت المؤسسة العسكرية طريقة ترسيم لم تكن في حسبان الجهات اللبنانية الرسمية، مدافعة عنها بأنها الأكثر اتساقاً مع قانون البحار.

 

أنقر على الصورة لتكبيرها

 

اقتراح التعديل، الذي ينبغي أن يُقرّ، يواجهه الكثير من المعضلات. ثمة ضغط أميركي وتهديدات تصل إلى مسامع الكثيرين، محذّرة من التعديل الذي لم يتم الإعداد له بصورة «طبيعية». قبل اقتراح الجيش للتعديل، في خريف العام 2019، كان يعلن تمسّكه بحدود المنطقة «المتنازع عليها» (الخط 23). وغالبية القوى السياسية تشكّك في مرامي قائد الجيش العماد جوزف عون. يمكن الجزم بأن كل القوى السياسية والمسؤولين الرسميين وغير الرسميين يقولون في مجالسهم الخاصة إنهم مرتابون من اقتراح قائد الجيش، ويعجزون عن التقاط الإشارة التي تدفعه، للمرة الأولى منذ توليه مركزه، إلى مخالفة رأي الإدارة الأميركية. ويزداد توجّس هؤلاء من العماد جوزف عون، ربطاً بأنه يعلن أن هدف التعديل تعزيزُ أوراق التفاوض مع العدو. وبذلك، يكون الخط المقترح للحدود (الخط 29)، قابلاً للتراجع عنه في «الاتفاق النهائي»!

لكن، على القوى السياسية حسم أمرها، من دون أي توجّس من قائد الجيش الذي يتولى مكتبه، عبر عدد من وسائل الإعلام المحسوبة على المحور الأميركي – الخليجي، تخوين كل من يناقش في مسألة التعديل. وما ينبغي على القوى المعنية بالقرار، إخراج هذا الأمر من دائرة التنازع في ما بينها، كما من دائرة تأثير جوزف عون نفسه. فهذا شأن سيادي شديد الخطورة، لا يخص «القائد»، كما ليس ملكاً لهذه الجهة أو تلك.

مكمن الخطورة أن أي خيار سيُتَّخذ له تبعاته الجسيمة. عدم التعديل، يعني تنازلاً عن حق لبناني للعدو الإسرائيلي، فيما الخيار الآخر، توقيع المرسوم وإرساله إلى الأمم المتحدة، يوجب الإعداد لمعركة قاسية مع العدو. فمندوبة «إسرائيل» في لبنان، دوروثي شيا، بدأت بالتهويل بأن تل أبيب ستمضي في مشروع بدء التنقيب في حقلَي «كاريش» و«72»، في حزيران المقبل، حتى لو عدّل لبنان حدوده! وتقول شيا لسائليها إن التعديل يعني انتهاء المفاوضات (في الواقع، هذه نتيجة تستحق تعديل المرسوم لأجلها حصراً). وهذا يعني وجوب الاستعداد لمواجهة العدوّ، بكل ما لدى لبنان من نقاط قوة.

أكثر من أي وقت مضى، القوى السياسية الرئيسية مدعوّة إلى خلع القفازات، والتخلي عن التكاذب عبر الشاشات، وعقد اجتماع لمجلس الوزراء (وربما لطاولة الحوار)، يتّخذ قراراً واضحاً بتعديل المرسوم، ورسم خط جديد للحدود، وإعلان وجوب الدفاع عنه، لا استخدامه كورقة للتفاوض. وهذا أمر، كالسياسية والحرب، أخطر من أن يُترك بيد ضابط طامح، وأكبر من أن تنظر فيه مديرية النقل!