في بداية الحرب العدوانية الإسرائيلية على قطاع غزّة، ردّا على عملية طوفان الاقصى التي شنتها حركة حماس ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي، بادر حزب الله باشعال جبهة الجنوب بقرار ذاتي وبمعزل عن التشاور مع الدولةاللبنانية، بحجة دعم الشعب الفلسطيني وإشغال جيش الاحتلال الإسرائيلي عن الحرب هناك.
وهكذا، زج الحزب لبنان بالحرب الجانبية، خلافا لرغبة اكثرية الشعب اللبناني، ولم يكتفِ بذلك، بل ربط مسار الاوضاع السياسية والاقتصادية والمواضيع المهمة،بانتهاء حرب غزّة، وفي مقدمتها انتخاب رئيس جديد للجمهورية، مبررا هذا الربط بانشغاله بالحرب ضد إسرائيل جنوباً.
مرت الشهور التي باتت تقارب الثمانية،والحرب الإسرائيلية على غزّة متواصلة من دون توقف، وجبهة الجنوب اللبناني مشتعلة على حالها، وكل الامور والقضايا المهمة معلقة، والحزب على مواقفه،يرفض مفاتحته بفصل مسار انطلاقة الدولة،بدءًا من انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتأليف حكومة تواكب العهد الجديد،وتباشر في وضع الحلول المطلوبة، لسلسلة ألازمات المتتالية التي يتخبط فيها لبنان حاليا.
يتساءل كثيرون، أين هي مصلحة لبنان في ربط مساره السياسي الداخلي، ودورته الاقتصادية ووضعه المالي والمعيشي بانتهاء حرب غزّة، ووقف الحرب جنوباً؟
من الصعوبة بمكان استخلاص، ان هذا الربط، تحت كل العناوين والمبررات البراقة، التي يسوقها الحزب،يصبّ في مصلحة لبنان واللبنانيين، بل على عكس ذلك تماما، كل ما يحدث من تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية وإبقاء لبنان بلا رئيس للجمهورية، ووقف المسار السياسي الداخلي، والشلل الذي يصيب مؤسسات الدولة، وعرقلة كل الخطط والمحاولات، لإصلاح الوضع المالي والمصرفي، وتعطيل الدورة الاقتصادية،والاستنزاف البشري والمادي، جراء المواجهة المحتدمة جنوباً، كلها ليست لمصلحة لبنان،بل تصيبه بأضرار اضافية،تزيد من حدة الازمات والمشاكل الضاغطة التي يواجهها اللبنانيون في الوقت الحاضر.
ماذا لو طال امد الحرب في غزة شهورا إضافية او اكثر، هل يبقى مصير لبنان،معلقا ومرتبطا بانتهاء هذه الحرب ونتائجها؟
لم يعد مجديا او مقبولا، استمرار ربط حزب الله اجراء الانتخابات الرئاسية بانتهاء حرب غزّة، ولم يعد مبررا القول بأن المواجهة العسكرية هي للدفاع عن لبنان ومصالح اللبنانيين، لان نتائج الخراب والدمار وخسارة مئات المقاومين والشهداء، وتضرر الدورة الاقتصادية،تؤكد ان ما يحصل ليس لمصلحة لبنان، بل يصبّ في مصلحة الذين يستعملون الساحة اللبنانية وتحديدا ايران، لتحقيق اهدافهم الخبيثة بالنفوذ والهيمنة على حساب المصلحة الوطنية اللبنانية.