فيما يعتقد البعض انّ الحدث هو في عوكر، يؤكّد مصدر عسكري رفيع أنّه ليس هناك بل في الجنوب وفي اسرائيل، حيث انّ استدعاء فرقتين من احتياط الجيش الإسرائيلي هو مؤشر كبير إلى شنّ عملية عسكرية كبيرة في الجنوب اللبناني، حيث سيكون الحدث هناك، لأنّ الجيش الاسرائيلي يعلم أنّه ليس قائماً على عناصر جيشه المؤلفة من نحو 100 الف جندي، بل على الاحتياط الخاص به والبالغ 500 الف عسكري.
في السياق، يستبعد المصدر نفسه ان تكون الحادثة التي وقعت في عوكر امس عملية منظّمة من تنظيم إرهابي سواءً كان «داعش» او غيره، بل يضعها في خانة حادثة فردية لمجموعات متطرّفة غير متمكنة، أرادت إيصال رسائل اعتراضية على سياسة اميركا في المنطقة ليس الّا، والدليل، السياق الذي تمّت فيه العملية التي افتقرت الى التنظيم، إن كان من حيث التوقيت او من حيث التخطيط، اضافة الى انّ «داعش» يعتمد في عملياته الإرهابية على المتفجرات وليس على الرصاص.
من جهة اخرى، اكّد المصدر العسكري نفسه، انّ الحدث فعلياً ليس الحادثة في محيط السفارة الاميركية وانما في جنوب لبنان واسرائيل تحديداً. وفي السياق يقول المصدر نفسه لـ«الجمهورية»، انّ الاجواء التي يتمّ نقلها الى المسؤولين السياسيين في لبنان سواءً بالمباشر او عبر قنوات ديبلوماسية او أمنية، تشير الى ما يُسمّى «ضربة عسكرية»، واذا اردنا عدم التهويل يمكن وصفها بـ«عمل ما» يترقب الجميع طبيعته، مداه؟ ونسبة احتماله؟ وهنا الجوهر! وهنا تُطرح الأسئلة،عن ماهية هذا العمل العسكري وطبيعته، وما اذا كان اجتياحاً برياً جوياً او مفاجأة ما؟
اجتياح بري؟
في رأي المصدر، انّ اسرائيل تدرك انّ الاجتياح البري للبنان ليس لعبة وليس نزهة، ولذلك هي تتجنّبه، بمعنى ان غزة شكّلت درساً للجميع، خصوصاً انّ مساحتها تبلغ مساحة قضاء واحد في لبنان، وهي تطلبت من اسرائيل تحريك ثلاث فرق عسكرية لحسم وضعها بل لم تحسمها حتى الساعة نهائياً، انما يمكن القول انّ كفّة الميزان مالت حالياً لمصلحتها عسكرياً.
اما في لبنان، فهناك حسابات اخرى وتعقيدات دولية خصوصاً في جنوبه! فأين الولايات المتحدة من التدخّل البري؟ كما انّ دخول اسرائيل إلى جنوب لبنان سيضع روسيا على حدود اسرائيل لأنّها موجودة في سوريا!
وأضف الى ذلك، التساؤل عن مدى مقدرة اسرائيل على أي اجتياح بري ومدى تقبّلها تكبّد خسائر كبيرة في لبنان جراء مثل هذا الاجتياح، لأنّه لن يكون ككل مرّة كما حصل عام 2000 اي لا يمكنه خلق buffer zone اي منطقة عازلة !؟
فإذا أراد الإسرائيلي اليوم الاجتياح براً يجب عليه تغيير المعادلة السابقة، وهذا ما دعا اليه وزير التربية الاسرائيلي، مؤيداً وجوب دخول الجيش الاسرائيلي الى الجنوب «لاقتلاع حزب الله وجذوره وإرسالهم وراء الليطاني».
وفي هذا السياق، يتساءل المصدر نفسه: «اذا ما تمّ اقتلاع «حزب الله» او الطرف الشيعي من الجنوب فإلى أين سيذهبون!؟». ويفترض المصدر «أنّ الوجهة في الغالب ستكون البقاع وليس بيروت وجونيه وكسروان، وهذا الامر يعني ليس فقط التغيير الديموغرافي بل تغيير معادلات شرق اوسطية جديدة، بمعنى اذا وصل الطرف الشيعي إلى البقاع يعني انّه سيصل الى القصير والزبداني والشريط … اي تغيير خرائط، وهذا الامر ليس في يد اسرئيل.!
وفي المقابل، يقرّ المصدر انّ اي تدخّل بري دون «خريطة للتغيير» لا معنى له.
اما إذا اراد الاسرائيلي الدخول كما في السابق وخلق منطقة عازلة كما فعل عام 2000، فذلك لم يعد ممكناً لأنّ «المنطقة العازلة « يقيمها اليوم «حزب الله» في ارض اسرائيل اي في شمال اسرائيل التي اصبحت خالية من السكان!
من جهة اخرى، يتوقع المصدر ان ينحصر «العمل» المتوقع بضربات جوية او «العمليات الجراحية»، مرجحاً الضربات الجوية التي تعلم اسرائيل انّها متمكنة منها بسبب تفوقها الجوي الشاسع، ولأنّ الاشتباك الاسرائيلي في البر يستلزم منه إرسال مئات الآلاف من العسكر الى الجنوب، فيما جوياً هم في حاجة إلى 200 طائرة لتدمير وترميد اكثر من 10452 كلم2. كذلك يعلم الاسرائيلي انّ في إمكانه جوياً قصف اي مرفق حيوي وكل ما يتحّرك على الارض اللبنانية…
.. ام تحرّك جوّي ؟
من جهة اخرى، يؤكّد المصدر ترقّب الطرف الاسرائيلي وترصده وتتبّعه لقوة «حزب الله» العسكرية ميدانياً وجوياً والتي يبدو ايضاً انّها تخبئ مفاجآت، خصوصاً انّ ردّ الحزب على العمليات الاسرائيلية جاء متدرجاً! بدأ بالقصف الصاروخي والمدفعي، بعدها أدخل المسيّرات الانتحارية وبعدها استعمل المسيّرات التي تقذف صواريخ دقيقة وأسقط للإسرائيليين ثلاث مسيّرات من خلال صواريخ ارض ـ جو، اي انّ الحزب يستعمل اليوم صواريخ ارض ـ جو مضادة للمسيّرات الاسرائيلية… وانطلاقاً من هنا لا يمكن معرفة مدى قدرات «الحزب» حتى الساعة، لأنّها ما زالت مخبأة وهي تتكشف للبنان وللإسرائيلي يوماً بعد يوم… فالطريقة المتدرجة لردود «حزب الله» على العمليات الاسرائيلية تدلّ الى انّه يملك قدرات ما زالت مخبأة.
وفي السياق، يشير المصدر الى القنابل الحارقة التي يتمّ استعمالها أخيراً، وهي تدل الى انّ اسرائيل اختارت العمل الجوي وليس البري، اي المحور العمودي وليس الأفقي.
خطر القنابل الفوسفورية
يبقى السؤال الأهم! هل يتمّ تدمير كل ما هو حيوي في لبنان من الجو؟ الزراعة، المياه، اي تسميم المياه الجوفية بواسطة القنابل الفوسفورية وتسميم البيئة؟ وكيف ستكون ردود «حزب الله؟».
ويختم المصدر بترجيح احتمال ضئيل جدا لأي عمل اسرائيلي برّي، لأنّ فتح الجبهة في الشمال الاسرائيلي يحرّك قوى مجهولة في هذا الشمال، واذا ما انتهت حرب غزة لا نعلم كيف سيتحّرك ما تبقّى من «حماس»، وبذلك سيكون الاسرائيلي قد دخل في وحول حربية متحركة لن يتمكن من الخروج منها… وبالتالي قراره خيار المحور العمودي اي الحرب الجوية هو المرجح، لأنّه بذلك يكون قد قرّر استخدام نقطة تفوقه على نقطة ضعف «حزب الله».