Site icon IMLebanon

هوكشتاين يبتسم ويُحذّر “الوضع دقيق وخطر جداً” وليس من “اتفاق” أو “حرب شاملة” الآن !! 

 

 

لم يحمل كبير مستشاري الرئيس الأميركي لشؤون الطاقة آموس هوكشتاين خلال زيارته الأخيرة الى لبنان (الثلاثاء) و “تلّ أبيب” (الاثنين) أي جديد في ما يتعلّق بمقترحات الإدارة الأميركية الموضوعة على الطاولة بالنسبة الى حرب غزّة والجبهة الجنوبية والتهدئة على الحدود البريّة. كما أنّ الرسالة التي حملها من رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو الى حزب الله عبر رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، عن “التراجع الى ما وراء الليطاني الآن أو الحرب”، ليس جديداً أيضاً… رغم ذلك فقد أجاب الحزب عليها بشكل مباشر من خلال التصعيد الكبير جنوباً تزامناً مع زيارة الموفد الأميركي، ومن خلال القول انّ ما يحصل جنوباً لا يتعلّق فقط بالتعدّي على الخط الأزرق، إنّما هو أبعد من ذلك بكثير.

 

أوساط ديبلوماسية مطّلعة أكّدت أنّ حزب الله من خلال التصعيد عند الجبهة الجنوبية، يقوم بالردّ على التطاول “الإسرائيلي” على القرى والبلدات الجنوبية وإصابة مدنيين. وكلّ العمليات التي يُنفّذها ضد العدو، تأتي في إطار الردع لمنع الحرب الشاملة. أما مشاهد “الفيديو” الذي بثّه إعلام حزب الله، والذي يظهر بنك الأهداف “الاسرائيلية” بواسطة مسيّرات “الهدهد” في حيفا، فهي أول رد للحزب على تهديد العدو بالحرب.

 

أمّا مسارعة هوكشتاين الى لبنان والمنطقة، فجاء لسببين:

 

– الأول: متابعة الترتيبات المستمرة والمتعلّقة بمقترحه حول حلّ المسائل العالقة عند الحدود البريّة، بما فيها النقاط الـ 13 الخلافية، والقسم الشمالي من قرية الغجر (بعد أن ترك البحث في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا الى مرحلة لاحقة)، وذلك من أجل تطبيق القرار 1701، رغم إعلان حزب الله عن عدم البحث في أي شيء قبل وقف حرب غزّة.

 

– الثاني: يتعلّق بتطوّر المواجهات العسكرية الذي حصل خلال الأيام الاخيرة قبل اغتيال المسؤول العسكري في حزب الله محمد مصطفى أيّوب، من خلال استهداف مسيّرة لسيّارته عند أطراف بلدة سلعا في قضاء صور. فقد ازداد القلق الأميركي من انزلاق التصعيد الى مواجهة مفتوحة بين حزب الله و “إسرائيل”. ولهذا سارع هوكشتاين الى لبنان والمنطقة لإعادة ضبط الأمور ضمن الإيقاع المطلوب، لكيلا يتفلّت الوضع الأمني أكثر، والى ما لا تُحمد عقباه.

 

وفي الوقت الذي قام فيه الموفد الأميركي بتحذير الطرفين من مخاطر توسيع الحرب، مشيراً الى أنّ “الوضع جدّي وخطر جدّاً” ولا بدّ من الذهاب نحو التهدئة، لا سيما في ظلّ المساعي الأميركية لوقف الحرب في غزّة، على ما أضافت الاوساط ، كان الضيف يوزّع ابتسامته، حتى انّه بدا يضحك خلال محادثاته مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ومع برّي أيضاً. فهل تعني هذه الضحكات أنّه نجح في انتزاع موافقة الطرفين على العودة الى “قواعد الاشتباك” السابقة والمتفق عليها ضمناً؟ وهل أنهى محادثاته مرتاح البال بأنّ المنطقة “لن تشهد حرباً الآن”، رغم التصعيد عند الجبهة الجنوبية الذي تزامن مع وجوده في لبنان، والتهديدات “الإسرائيلية” المستمرّة؟!

 

وأكّدت المصادر نفسها أنّ الاهتمام الأميركي بلبنان والمنطقة، ليس سببه إعادة الهدوء الى الخط الأزرق، بقدر ما يأتي بعد دخول الحرب في غزّة وفي جنوب لبنان، في مسار الحملة الانتخابية للرئيس الأميركي جو بايدن، الذي يطمح الى ولاية ثانية. أمّا إيران فأرادت أن تنقل لهوكشتاين من خلال المواجهات العسكرية الجارية عند جبهة الجنوب اللبناني، أنّ لهذه الأخيرة هدف سياسي وأنّها لاعب أساسي في المنطقة، ولا بدّ من أن تكون جالسة على طاولة المفاوضات خلال التسوية المرتقبة. ويبدو أن أفق وقف التصعيد قد بدأ بالإنسداد مع استمرار المواجهات العنيفة، تزامناً مع وجود هوكشتاين في لبنان، الأمر الذي يرفع من منسوب توسيع الحرب.

 

ولكن إذا دخلت “إسرائيل” في هذه الحرب التي تُهدّد بها، على ما أوضحت الاوساط ذاتها، رغم التخبّط الداخلي حول توقيتها، بين مَن يرى أنّ الوقت ليس مناسباً الآن لشنّ ضربة على لبنان، سيما أنّه في حال الدخول في هذه الحرب، لن يكون هناك ما يوقفها، مع تدمير شامل سيحصل في كلّ من لبنان و “إسرائيل”… ومَن يجد أنّه لا بدّ من تنفيذ ضربة قوية على حزب الله في لبنان في الوقت الراهن، من أجل وضع حدّ لما يقوم به عند الجبهة الشمالية. ويقول العارفون انّ جيش العدو يحتاج حالياً الى نحو 6 أشهر لإعادة لملمة نفسه بعد حرب طويلة على قطاع غزّة، المستمرّة منذ أكثر من 8 أشهر من دون تحقيق أي من أهدافها. في الوقت الذي كان الخبراء العسكريون في “إسرائيل” يعتبرون أنّ الحرب على غزّة يمكن أن تنتهي في غضون شهر أو اثنين ليس أكثر.

 

أمّا هوكشتاين الذي جاء محذّراً من التصعيد، أو بالأحرى من القرار “الإسرائيلي” بشنّ الحرب على لبنان، في حال لم يتراجع حزب الله الى ما وراء الليطاني بمسافة 8 كيلومترات، وذلك بهدف تبريد الجبهة الجنوبية، كون أحد لا يريد هذه الحرب، على ما تابعت الاوساط، يعلم تماماً أنّ الحزب الذي يُحقّق حالياً الإنجازات، من الصعب أن يُوافق على سحب قوّاته. في حين تريد حكومة نتنياهو التوجه نحو لبنان، كونها لا تدري ما سيكون عليه “اليوم التالي لما بعد حرب غزّة”، وليس لديها إجابات عن الأسئلة المطروحة عليها. ولهذا تنوي ضرب الحزب الذي يُشكّل تهديداً كبيراً بالنسبة لها، في محاولة للتعامل مع هذا التهديد على الفور. أمّا الذريعة فهي أنّها تخشى من عملية شبيهة لـ 7 تشرين من قبل حزب الله عند الحدود.

 

ومن الواضح حتى الساعة، أنّ كلّاً من الحزب و “إسرائيل” ليس لديه الرغبة في الدخول بحرب شاملة، غير أنّها، بحسب المراقبين، آتية لا محالة فهي مسألة وقت. في الوقت نفسه، فإنّ معضلات عديدة تحول دون إنجاز اي إتفاق بين الطرفين، فالحزب لن يتراجع من جنوب الليطاني بعد التوازن العسكري الذي يحقّقه، ويفوق بكثير ما كانت عليه قدراته في العام 2006. و “إسرائيل” تحاول في المقابل تضخيم الأمور بأن لا حلّ سياسي أو ديبلوماسي، وأنّ الحرب لا بدّ وأن تحصل. ولهذا تتحدّث عن سيناريوهات عديدة لهذه الحرب التدميرية، دون أن تحسب نتائجها.