يستمر التباين في اسرائيل بين المؤسسات الأمنية والعسكرية والسياسية، ما ينعكس حتى على وسائل الاعلام التي تنتمي الى المحاور المذكورة، فالجيش في واد والمستوى السياسي في واد آخر، ففي حين يتحدث المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي عن استحالة تدمير حماس كونها عبارة عن “فكرة”، يؤكد نتانياهو أن الهدف هو تدمير حماس وسيتم تحقيق ذلك.
بالطبع في اسرائيل يصدقون الجيش ولا يصدقون رئيس الحكومة الذي بات يتحدث مؤخراً عن “ردع حزب الله”، وهي عبارة لم نعتد على سماعها على لسان المسؤولين الاسرائيليين منذ تأسيس الكيان في العام 1948، إذ لطالما كانت اسرائيل القوة الكبرى في المنطقة التي يخشاها الجميع، وهي لا تدخل حرباً إلا وتربحها في أيام معدودة، وها هي اليوم تتحدث عن حاجتها الى السلاح الأميركي لتحقيق النصر في غزة بسرعة وردع أي حرب مستقبلية مع حزب الله.
بحسب المبعوث الأميركي آموس هوكستين فإن اسرائيل حصلت منذ بداية الحرب على أسلحة أميركية ضخمة بقيمة تصل الى حوالي 8 مليار دولار، فكل ما رُمي على غزة كان سلاحاً أميركياً، ولا يزال رئيس حكومة العدو يتذرع بغياب الأسلحة، ويعتبر أن حصوله على ما يحتاجه سيمنحه النصر السريع في غزة على حركة حماس. نصر سريع بعد 9 أشهر من الحرب في مساحة جغرافية محددة.
كذلك لا بد من التوقف بحسب مصادر متابعة لمسار الحرب عند فكرة “الردع” التي تحاول اسرائيل تحقيقها، فبينما نتحدث عن محاولة حزب الله ردع العدو عن شنّ الحرب الشاملة على لبنان، يتحدث نتانياهو بالعكس، فهو يريد ردع حزب الله عن شن الحرب، كاشفة أن هذا الخطاب يتلاقى مع هرولة الاسرائيليين باتجاه الأميركيين بعد اغتيال الشهيد أبو طالب في جويا وردّ حزب الله الواسع على الاغتيال، للطلب منهم التدخل لمنع تدحرج الصراع، وهذه المعطيات أصدق بكثير من خطابات التهديد والوعيد الاسرائيلية.
تكشف المصادر أن زيارة هوكستين الأخيرة الى المنطقة لم تكن لنقل رسائل تهديد جدية من قبل اسرائيل للبنان، بل كانت بناء على طلب اسرائيلي بهدف تخفيف التوتر على الحدود اللبنانية، لأن الكيان غير مستعد وغير قادر على الدخول في حرب على لبنان على الأقل في الفترة التي لا تزال فيها الحرب قائمة في غزة.
وتذهب المصادر أبعد لتؤكد أن الأميركيين الذين لطالما حذروا اسرائيل من صعوبة وخطورة أي حرب مقبلة، لم يعودوا لوحدهم بل دخل على الخط دول أوروبية فاعلة لتحذير اسرائيل من خطورة الحرب الاقليمية، خاصة بعد خطاب أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله الأخير الذي طال قبرص ووصلت أصداؤه الى الدول الأوروبية، فكل التقارير تؤكد أن الحزب لا يمزح عندها يتحدث عن حرب اقليمية في المنطقة ستندلع بحال شنّت اسرائيل حرباً شاملة على لبنان.
هل كل هذا يعني أن الحرب صارت خلفنا؟ ترى المصادر أن الحرب الشاملة مستبعدة، ولكنها ليست مستحيلة إذ يبدو أن هناك في اسرائيل من يعول على أمر من اثنين، إما الدخول بمغامرة عسكرية في لبنان ووضع أميركا تحت الأمر الواقع وهي لن تترك أو تتخلى عن اسرائيل أبداً، وإما انتظار الانتخابات الاميركية حيث يعول هؤلاء على وصول ترامب وتكون هدية نتانياهو دعم أميركي كامل لحرب على لبنان يتم فيها القضاء على حزب الله.
بالنسبة الى الشق الثاني فهناك في لبنان من بات يعول على هذا الأمر أيضاً، وللحديث تتمة.