Site icon IMLebanon

رهان غربي على قدرات حزب الله الأمنيّة لمنع الحرب! الطيران “الإسرائيلي” غير قادر على حماية التوغل البري

 

 

وحدها الأخطاء الميدانيّة أوالحسابات الخاطئة قد تفضي الى هجوم وقائي من أحد الطرفين؟

 

بلغت التعقيدات المرتبطة بالحرب الدائرة في غزة وجبهات المساندة، وفي مقدمتها الجبهة الجنوبية، حدا لم يسبق ان شهدته حروب سابقة، حتى باتت الاجابة عن سؤال احتمال اندلاع حرب شاملة على لبنان من الغيبيات، التي لا يعرف عنها الا الله… فاصحاب القرار على الارض في كلا الجانبين لا يملكون اجابة حاسمة وجازمة يمكن الركون اليها، في ظل معركة معقدة تتداخل فيها عوامل سياسية وامنية وعسكرية، ومصالح شخصية واستراتيجية وانتخابية “اسرائيلية” واميركية، ووقائع ميدانية تشير الى استحالة تورط دولة الاحتلال في مواجهة مفتوحة مع حزب الله، الا ان عبارة “ولكن” تبقى حاضرة بقوة، لان احتمال الحسابات الخاطئة وخروج الامور عن السيطرة، نتيجة اخطاء مقصودة او غير مقصودة، تبقى احتمالا قائما في كل وقت.

 

وفي هذا السياق، جاء تسريب معلومة قبل ساعات عبر وسائل الاعلام “الاسرائيلية” مفادها ان قائد سلاح الجو “الإسرائيلي” تومر بار، اجرى تقييما للوضع مع قائد القيادة الشمالية أوري غوردين، وقادة كبار في سلاح الجو وقادة الألوية الإقليمية في القيادة الشمالية العسكرية لرفع الجاهزية، لهجوم محتمل في لبنان والتعاون بين القيادة الشمالية وسلاح الجو.. طبعا الكشف عن هذا الاجتماع الامني- العسكري ليس مجرد حرب “نفسية” تقوم بها “اسرائيل “، كجزء من المعركة القاسية مع حزب الله الذي تفوق بشكل واضح على “الدعاية” الصهيونية، ونقل الذعر الى المجتمع “الاسرائيلي” باكمله. فوفقا لمصادر ديبلوماسية، فان التسريب موجه بشكل خاص الى الولايات المتحدة الاميركية، التي تعمل جاهدة لمنع “اسرائيل” من الاندفاع وراء “وهم” السيطرة على حرب محدودة، تشن من خلالها الطائرات “الاسرائيلية” غارات جوية على مواقع مفترضة لحزب الله على كامل مساحة الاراضي اللبنانية، دون الحاجة الى توغلات برية قد تكون غير ضرورية في المرحلة الاولى للحرب، دون الغاء هذا الاحتمال في المرحلة الثانية.

 

ووفقا للمعلومات، تشعر واشنطن بالقلق من اصرار “الاسرائيليين” على الترويج لخطط مماثلة، على الرغم من فقدانهم لعنصر المفاجأة، وكذلك للمعلومات الاستخباراتية الموثوقة حيال مخازن الاسلحة الكاسرة للتوازن الموجودة لدى حزب الله، الذي نجح في العام 2006 بقيادة عماد مغنية في تضليل “الاسرائيليين”، الذين ظنوا انهم ضربوا مواقع استراتيجية لحزب الله، تفضي الى استسلامه في الايام الاربعة الاولى من الحرب، لكن وعلى الرغم من عنصر المفاجأة يومها، كانت تلك المواقع فارغة، والمعلومات المضللة نقلتها شبكة تجسس سبق وكشفت المقاومة اختراقها لبعض النقاط الحساسة، لكنها تركتها تعمل واستفادت منها لخداع العدو.

 

فماذا لو تكرر الامر اليوم؟ وهل تملك “اسرائيل” معلومات استخباراتية موثوقة؟ خصوصا ان لا شيء يدل على ذلك بعد الاخفاق الكارثي في غزة قبل السابع من تشرين الماضي وبعده، بعدما اخفقت “عيون اسرائيل وآذانها”، في توقع طوفان الاقصى، وتعمق فشلها في محدودية معلوماتها عن انفاق حركة حماس او ما يعرف ب”مترو غزة”، فكيف يمكن الثقة بالمعلومات حيال حزب الله؟!

 

لكن تبقى المعلومة الاهم المسربة في الاعلام “الاسرائيلي” حول قدرات سلاح الجو وفعاليته، بعدما كشف حزب الله عن جزء من ترسانته العسكرية، وهو امر يرتبط بما يسمى المرحلة الثانية للحرب، وهذه المرة ستكون الامور كارثية، لان قائد سلاح الجو ابلغ المعنيين بانه لن يكون قادرا على تأمين الغطاء الجوي المطلوب لاي تقدم بري، في ظل المخاطر المرتفعة على الطائرات المسيرة والمروحية، وكذلك الحربية. فما هو مؤكد حتى اليوم ان حزب الله قادر على احداث شلل خطير في تحرك المسيرات والمروحيات، التي تعتبر العامل الاكثر فعالية لحماية القوات البرية، حيث تنتفي قدرة الطيران النفاث على التدخل، علما انه من غير المستبعد وجود “مفاجآت” لدى حزب الله يمكن ان تلحق اضرارا كبيرة بالطيران الحربي ايضا. وهذا يعني عمليا تحول اي تقدم بري الى محرقة للجنود والآليات العسكرية، في ظل امتلاك الحزب اسلحة متطورة فتاكة تستطيع ان تصيب اهدافها عند نقاط تجمعها الخلفية وقبل تحركها.

 

وفي هذا السياق، تتحدث شخصية سياسية رفيعة المستوى امام زوارها عن واقعة زيارة احد السفراء الغربيين الاساسيين في بيروت، حيث دار الحديث عن احتمالات الحرب وكيفية منع حدوثها، وكان للسفير وجهة نظر غير تقليدية، حين اشار الى ان اهم عامل من عوامل عدم توسع المواجهة تبقى قدرة حزب الله على منع حصول اختراقات في جسمه العسكري والامني، لانه وفقا لهذا الديبلوماسي، اذا كانت “اسرائيل عمياء” فانها لن تخاطر بشن حرب تعرف حجم خسائرها، وانما لو كان “الاسرائيليون” يملكون المعلومات الكافية عن اماكن تخزين الاسلحة الدقيقة والنوعية، فقد يغامرون في محاولة ضربها لتقويض قدرات حزب الله، ظنا منهم انه سيضطر للتراجع ويرضخ لفصل جبهة لبنان عن غزة، والقبول بترتيبات جديدة على الحدود.!

 

طبعا، هذا التفصيل المهم يبقى من الاسرار الكبرى التي لا اجابة عنها، واذا كانت صحيفة “يديعوت احرنوت الاسرائيلية” قد اشارت الى ان احتمالية اندلاع حرب في لبنان تتعلق بسيناريو إساءة الحسابات: “قتل كثيف لمقاتلين أو مدنيين في الطرفين، وخوف أحد الطرفين من هجوم مفاجئ للطرف الآخر الذي سيقوده إلى شن هجوم وقائي في وقت مبكر”، فان ما يمكن الجزم به حتى الآن، ان المقاومة نجحت حتى الآن في “فرملة” استراتيجية العملية المحدودة والخاطفة، التي لن تؤدي وفق حسابات بعض القيادات السياسية والعسكرية “الاسرائيلية” الى حرب شاملة، بعد ان قطع الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الطريق على هذه الاوهام، بالاعلان عن رد دون سقوف ودون حسابات، اي لا مجال بان “يبلع” حزب الله ضربة محدودة، وسيحوّلها الى حرب يكون الضرب فيها “تحت الحزام”.