مع تراجع الاهتمام بملف رئاسة الجمهورية، نتيجة سقوط كل المبادرات التوفيقية والاقتراحات الكفيلة بإنهاء الشغور في بعبدا، مع اصرار الافرقاء على التمترس خلف مواقفهم المعروفة، وعجز الخارج عن احداث الخرق المطلوب، في ظل التطورات المتسارعة التي تشهدها الساحة الدولية، عادت جبهة الاسناد الجنوبية بكل تطوراتها لتتقدم المشهد في البلاد، في ضوء ارتفاع وتيرة التهديدات من الطرفين وحرب العمليات الامنية المستعرة، مع توسيع “بيكارها” في غضون الايام الاخيرة من جهة، وكيفية وضع معادلات المواجهة الجديدة التي وضعها امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في ذكرى عاشوراء، موضع التنفيذ.
واضح ان الامين العام رسم اكثر من معادلة جديدة، او بالاصح عدل في معادلات كانت قائمة، راسما على اساسها خارطة طريق المرحلة المقبلة التي ستحددها الاحداث والتطورات، حيث توقفت مصادرة مواكبة لاطلالات السيد نصرالله عند النقاط التالية:
– قطعه الطريق امام كل الكلام والتحليلات عن انجاز اتفاق مع الجانب الاميركي حول الحدود اللبنانية توصل اليه الوسيط الاميركي اموس هوكشتاين، جازما بعدم صحة كل هذه المعلومات، واضعا في هذا الاطار الحزب خلف الدولة اللبنانية بوصفها المفاوض الاساسي، في موقف يعيد الى الاذهان مرحلة انجاز صفقة ترسيم الحدود البحرية، مع نهاية عهد رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال عون.
– جزمه بشكل نهائي وواضح ان جبهات الاسناد وخصوصا اللبنانية لن تتوقف قبل ان تعلن المقاومة الفلسطينية انها حققت اهدافها، وبالتالي فان اي حديث عن اعلان “اسرائيل” البدء بتنفيذ المرحلة الثالثة او وقف اطلاق نار من جانب واحد او تخفيض للتصعيد، لن يوقف اطلاق النار على الجبهة اللبنانية، وحده اتفاق كامل بين “اسرائيل” وحماس يوقف اطلاق النار على الحدود الجنوبية.
– تأكيده ان لبنان غير مستعجل للوصول الى وقف اطلاق نار بمعزل عن غزة، “فنحن جبهة اسناد بكل ما للكلمة من معنى ومفاعيل”، من هنا بناء على كل مرحلة ووفقا للظروف سيلبي حزب الله الاسناد اللازم، فلا يتوهم احد بان تخفيف “اسرائيل” من وتيرة عملياتها العسكرية، سيدفع بالجهة اللبنانية الى الهدوء، بل قد يكون العكس، لذلك على المفاوضين اخذ هذه الامور بكثير من الجدية.
– ثقته الواضحة المبنية على ارقام “اسرائيلية”، والتي تظهر بوضوح ان الجيش “الاسرائيلي” غير قادر في وضعه الحالي، بشريا وعلى صعيد التجهيز ووفقا لارقام المعارضة المفصلة، على خوض اي حرب مع لبنان او اجتياح، محذرا وزير الدفاع يوآف غالانت من المغامرة بما تبقى من مدرعاته.
– اعادة احيائه لمعادلة قديمة ابصرت النور بعد عدوان عناقيد الغضب عام 1996، والتي اكسبت حزب الله شرعيته لاول مرة، استهداف المدنيين سيقابله استهداف للمدنيين، محذرا بقصف مستعمرات جديدة بقيت حتى الساعة خارج المعادلة، والتي تقع ضمن حزام بين 10 الى 15 كلم من الحدود اللبنانية، مع ما يعنيه ذلك من موجة تهجير جديدة، ومزيد من الضغط على الحكومة “الاسرائيلية”، خصوصا مع قرب انطلاق العام الدراسي في ايلول. اما استهداف المدن اللبنانية فالبطبع سيقابله استهداف لمدن من حيفا “وجر”.
– تطبيقه المعادلة الدينية التي تحكم ذكرى عاشوراء وشعارها “ما تركناك يا حسين”، على الوضع في غزة، حيث حق الشعوب العربية على مزيد من التحرك والضغط ضد حكوماتها وحكامها، وهو امر قد يعيد العلاقات مع دول الخليج الى المربع الاول، خصوصا ان ثمة تحركات في المنطقة لا يمكن فصلها عن هذا المسار.