Site icon IMLebanon

حزب الله لم يُطمئن “الإسرائيلي”… يكفي أنّه جنّب لبنان الحرب الشاملة 

 

 

يتحدّث البعض عن أنّ ردّ حزب الله على اغتيال المستشار العسكري للأمين العام للحزب فؤاد شكر لم يكن بقدر ما كان متوقّعاً، ولم يأتِ قويّاً على ما هدّد السيّد حسن نصرالله. وهذا البعض يقول انّ إيران قد لا تردّ على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الذي اغتالته “إسرائيل” في طهران، لأنّها لا تودّ أن يؤدي أي شيء الى وقف المفاوضات الجارية بينها وبين الولايات المتحدة. فهل ما يعتقده هذا البعض صحيح، أم أنّ الحزب نفّذ ما أعلن عنه السيد نصرالله، فكان ردّه مدروساً جدّاً وجنّب لبنان والمنطقة حرباً إقليمية شاملة؟

 

مصادر سياسية مطّلعة رأت أنّ من يجد أنّ ردّ المقاومة لم يكن على المستوى المطلوب، يعني أنّه كان يودّ أن ينغمس حزب الله في عملية جرّ البلاد الى الحرب الموسّعة، وهو ما استدركه وتعلّمه من تجربة حرب تمّوز-آب 2006. وهذا البعض هو نفسه يُذكّر دائماً بعبارة “لو كنت أعلم” ليُلقي باللائمة على حزب الله في الحرب الماضية. أمّا ردّ الحزب الذي استهدف “قاعدة غليلوت”، وهي القاعدة الأساسية لشعبة الاستخبارات العسكرية “الإسرائيلية” التي تُسمّى “أمان”، والتي يجري فيها التخطيط والإعداد لعمليات اغتيال قادة المقاومة، ما أدّى الى خسائر مادية وبشريّة كبيرة فيها، بحسب المعلومات “الإسرائيلية”، فيُعتبر ردّاً قويّاً لأنّ هذه القاعدة هي سريّة أساساً، وبمجرّد ضربها ظهر أنّها لم تعد كذلك.

 

ثمّ إنّ ردّ الحزب الذي جرى فصله عن ردّ إيران على اغتيال هنيّة، والذي لم يحصل حتى الساعة، على ما أوضحت المصادر، أظهر استقلالية الحزب في اتخاذ القرار. فالحزب يُصارع العدو “الإسرائيلي” الذي يعتدي على السيادة اللبنانية كحزب، في حين أنّ إيران تواجهه كدولة، ولهذا فمن الطبيعي أن يكون الردّان مفصولين ومختلفين. كذلك فإنّ حزب الله أوجع العدو، من خلال ضربه القاعدة الاستخباراتية العسكرية، من دون أن يوقع إصابات في صفوف المدنيين لكيلا يُعطيه سبباً للتذرّع بالهجوم عليه.

 

ولهذا، يجب وقف انتقاد الردّ على اغتيال شكر، على ما ذكرت المصادر نفسها، لأنّ المنتقدين سوف يتكلّمون في كلتا الحالتين، أكان هدّأ الأوضاع أم جرّ البلاد الى الحرب الموسّعة. فالحزب قام بعمليته النوعية، وتحدّى أسلحة العدو المتطوّرة، فضلاً عن حاملات الطائرات الأميركية التي جاءت مهدّدة بمساندة حليفتها في المنطقة، الى جانب استخبارات الدول الأوروبية القائمة في لبنان والمنطقة من البريطانية الى الفرنسية وسواهما. وهذا يعني أنّه تمكّن من خرق كلّ هذه الدول وإمكاناتها، ووصل الى هدفه وهو قاعدة الـ 8200 وحدة العسكرية، مستخدماً أسراب من المسيّرات و240 صاروخاً. أمّا العدوان “الإسرائيلي” بشنّ الغارات فلم يستطع أن يوقف هذا الردّ الذي جرى تنفيذه بحذافيره.

 

في مطلق الأحوال، ترك حزب الله هامشاً غامضاً للعدو، وفق ما أكّدت المصادر، إذ اعتبر السيّد نصرالله أنّ “الردّ انتهى”، ليقول بعد ذلك إنّ المقاومة تدرس الردّ وقد تقوم بآخر إذا لم تجده كافياً، ليختم خطابه بالإشارة الى أنّ المقاومة “قد تدخل الجليل بالفرقة الموسيقية”. ما يعني أنّ السيد نصرالله لم يُطمئن “الإسرائيلي” الذي يواصل اليوم اعتداءاته على القرى الجنوبية، كما على الفلسطينيين ليس فقط في قطاع غزّة، إنّما أيضاً في جنين في الضفّة الغربية. الأمر الذي يدلّ على خشيته الكبيرة من المقاومة، لهذا يتصرّف بجنون ويفتح الجبهات ويُصعّد، ويُكثر من الغارات ومن عمليات القتل، التي تدخل في إطار “الجرائم ضدّ الإنسانية” و “الإبادة الجماعية ضدّ الشعب الفلسطيني”، التي لا يزال يحاكم عليها في محكمة العدل الدولية في لاهاي.

 

كذلك، فإنّ الحزب تعلّم من تجربة ما قبل اندلاع حرب تمّوز- آب 2006، عندما أرسل “الإسرائيليون” جنديَين الى الحدود اللبنانية في محاولة استفزازية له، ما جعله يُقدم على أسرهما في حينه. وأدّى ذلك الى نشوب الحرب التي دامت 33 يوماً، بحجة أنّهم يريدون استرداد الأسيرين، ليتبيّن بعذ ذلك أنّهما قُتلا في هذه الحادثة، وتسلّموا جثتيهما لاحقاً. في حين أنّ الهدف الأول من هذه الحادثة، كان إيجاد ذريعة لضرب الحزب، وتدمير الجسور والبنى التحتية في لبنان، في محاولة للقضاء على الازدهار الذي كان ينعم فيه البلد، وإنهاء المقاومة فيه. لكنهم فشلوا في ما خططوا له، باستثناء جرّ الحزب الى الحرب. هذا الأمر نفسه، يحاول “الإسرائيليون” القيام به، بحسب المعلومات، منذ اليوم الأول لدخول الحزب في “جبهة الإسناد” في 8 تشرين الأول الفائت، أي استفزازه لجرّه مجدّداً الى حرب موسّعة وشاملة، غير أنّه يتنبّه جيّداً الى هذه المحاولات ويُفشّلها من خلال ضرباته المدروسة.

 

من هنا، ترى المصادر ذاتها، أنّ ما يقوم به حزب الله اليوم هو الحفاظ على عدم توسيع الحرب والإبقاء على ضرباته ضمن “قواعد الاشتباك” المتفق عليها ضمناً، على أنّه دائم الجهوزية لأي عدوان “الإسرائيلي” محتمل على السيادة اللبنانية، أكان برّاً وبحراً وجوّاً، وهذا يكفي. والأهمّ أنّه لا يُطمئن العدو، وإن ردّ على اغتيال شكر في الضاحية. وهو يتوقّع كلّ شيء، لكيلا تتمّ مباغتته، سيما أنّ “الإسرائيلي” الذي فَقد قوّة الردع يحاول التعويض عن هذا الأمر، بتنفيذ عمليات اغتيال قادة المقاومة بواسطة المسيّرات والذكاء الاصطناعي.