هناك من يعتبر ان استهداف إسرائيل لشبكة الاتصالات التي يعتمدها حزب الله في الحرب التي يخوضها جنوباً ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي، على النحو الدموي الذي حصل، قد اصاب الحزب بضربة قوية جدا في بنيانه، وبات من الصعوبة عليه بمكان، استكمال الحرب التي يخوضها منذ عملية طوفان الأقصى بالوتيرة ذاتها، ما يسهِّل على إسرائيل الاندفاع قدماً في خططها ومساعيها،إما لتنفيذ تهديدات قادتها السياسيين والعسكريين، لاجتياح المناطق الجنوبية المتاخمة، للمستوطنات الإسرائيلية، وفرض الأمر الواقع بالقوة، بأقل خسائر ممكنة بالارواح والعتاد، أو لمعاودة التفاوض، من خلال الديبلوماسية التي يتولاها المستشار الرئاسي الاميركي آموس هوكشتاين، لخفض التوتر، وتسهيل التوصل إلى اتفاق نهائي لاستتباب الامن وارساء الاستقرار في المنطقة، ومحاولة فرض شروطها ومطالبها بالقوة التي تتمتع بها، وليس استنادا الى ما تمّ التفاهم بخصوصه في المفاوضات التي جرت خلال الاشهر الماضية، بواسطة هوكشتاين نفسه.
ولكن في المقابل، ومع الاعتراف بثقل الضربة القاسية التي تلقاها الحزب، الا ان اعتبار البعض بأن إسرائيل قد حسمت الحرب لمصلحتها من خلال ما حصل، هو امر مبالغ فيه كثيرا ويجافي الحقيقية، والدليل على ذلك، ان الحزب وبالرغم من الخسارة الجسيمة التي مُنِيَ بها، الا انه مايزال قادرا على المواجهة العسكرية مع إسرائيل، بامكانياته وبنيته التنظيمية،وكل ما يقال خلاف ذلك، انما يندرج في اطار الحرب النفسية التي تغذيها الدولة العبرية، لتأليب الرأي العام على الحزب والتأثير عليه سلباً بالداخل اللبناني وخارجه.
إزاء هذا الواقع، تتجه الامور الى مزيد من التصعيد والحرب المفتوحة على كل الاحتمالات في الايام القليلة المقبلة، في ظل محاولة قوات الاحتلال الإسرائيلي فرض الامر الواقع بالقوة، على المنطقة الحدودية المحاذية للحدود اللبنانية الجنوبية، تمهيدا لإعادة السكان المدنيين الى المستوطنات الإسرائيلية من جهة، وتحضيرات الحزب، ليس لخوض المواجهة العسكرية كما جرت العادة سابقا، فحسب، وإنما للرد القوي على جريمة التفجير الجماعي التي استهدفت قيادات وعناصر حزبية مؤخرا من جهة ثانية.
ولذلك، يلاحظ بوضوح، ان تغليب لغة التصعيد العسكري، بات يتقدم على التهدئة التي عطَّلها رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو على الحدود اللبنانية الجنوبية، كما افشل مساعي وقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزّة، ويخشى ان يكون الجنوب اللبناني ساحة المعركة بين الحزب وإسرائيل.