IMLebanon

السباق المحموم

 

 

يبدو الوضع في لبنان كأننا في سباق بين «حرب الحدود» على جانبَي الحدود الجنوبية، والتفجير الكبير المرشّح لأن يستغل في كل يوم وربّـما في كل ساعة، والأمر يتعلق بِـ «الدحرجة» التي يقف وراءها العدو الإسرائيلي وفق شهوة السفّاح بنيامين نتانياهو وشبقه الى الولوغ في دماء الأبرياء. ذلك أن هذا «النبي» الصهيوني الكذاب الجديد لم يعد له همُّ سوى تفادي السجن الذي ينتظره وزوجته الغارقَين في الفساد، وفق الاتهامات التي ساقها ضدّهما القضاء في فلسطين المحتلة، وهي تِهمٌ سيتعذّر على أي منهما التملّص من مفاعيلها، وفق ما تسنّى لنا أن نطلع عليه من وقائع وحيثيات وثبوتيات ونحن نتابع مشهدية المراحل الأولى من القرارات الإتهامية في حق رأس الفساد في رأس السلطة، في الكيان العبري اذ يتولى المسؤولية والسلطة القيادية هناك مجموعة من السياسيين الذين يتبارون، في ما بينهم، حول مَن هو الأكثر تطرفاً.

 

أمام هذا الواقع تبدو زيارة عراب ترسيم الحدود البحرية آموس هوكشتاين الى لبنان من نوع لزوم ما لا يلزم. فليست المسألة ما اذا كان حزب الله هو الذي سيبادر الى الخروج على قواعد الاشتباك، إنما ماذا سيفعل نتانياهو عند تحريك الستاتيكو الحالي (تبادل القصف والهجمات) على أمل التوصل الى «نصر تاريخي» يتملص فيه من حكم القضاء وحكم التاريخ.

 

وعليه يريد نتانياهو عدم استجرار حزب الله الى «المواجهة الكبرى» في هذه المرحلة، ولكن الإبقاء على جبهة الجنوب في ديناميتها القتالية «المضبوطة»، لينتقل بعد وقف إطلاق النار في غزة (أيّاً كانت التتيجة هناك) الى فتح جبهة الجنوب بضراوة.

 

طبعاً، سماحة السيد حسن نصرالله لن يسمح لسفّاح العصر أن يحقق أهدافه «عالهينة»، وفي آنٍ معاً، لن يعطيه الذريعة.

 

وإذا صحّت المعلومات فإن تلك هي النقطة المركزية في زيارة هوكشتاين، الذي يميل (من ضمن أعضاء في الخلية الأميركية) الى دعم وجهة نظر نتانياهو بضرورة تحقيق ازدواجية الهدف، وهو القضاء على حماس وإلحاق الحزب بها.

 

وبقدر ما يبدو هذا الهدف صعباً في غزة ومستحيلاً في لبنان، بقدر ما يركب رئيس الحكومة الصهيونية رأسه ويواصل المسار الإجرامي طالما هو يحظى بدعم جو بايدن (ومعظم دول أوروبا الغربية) الذي يتحرك على أنغام الاستحقاق الرئاسي الأميركي، وهو من دون شك، أوفد هوكشتاين مراراً وتكراراً الى المنطقة، بما فيها لبنان، من أجل هذه الغاية. واداة هذه الخطة وقف نار «موقت» يعتقد الأميركي أنه «يبلف» به المقاومة في غزة، فتقبل به تحت الضرورات الحياتية والإنسانية عموماً الضاغطة على القطاع وأهله، حتى إذا تحقق الوقف الموقت للنار وأفرجت حماس عن الأسرى، استؤنِف القتال بضراوة أشد مع فرض الحصار مجدّداً على غزة… ويجب أن يكون المرء في غاية السذاجة ليصدّق أن حماس توافق على فخٍّ قاتل تقود نفسها الى الوقوع فيه.