IMLebanon

وقف إطلاق النار على حافة الهاوية.. إسرائيل ضربت موقعاً لـ«حزب الله»

 

ليام ستاك- نيويورك تايمز

بدا أنّ الاتفاقية لا تزال صامدة بشكل كبير، ولم يكن تأثير الضربة واضحاً على الفور. و»حزب الله» لم يُصدر تعليقاً فورياً.

أعلن الجيش اللبناني، أمس الخميس، أنّه نشر قوات في معاقل «حزب الله» خارج بيروت وفي جنوب وشرق البلاد لتمهيد الطريق لعودة الناس، بينما أعلن الجيش الإسرائيلي أنّ طائراته الحربية ضربت موقعاً لـ«حزب الله» في الجنوب، وحذّر المدنيّين اللبنانيّين من العودة إلى القرى القريبة من الحدود في الوقت الحالي.

كان لبنان في حالة توتر مع دخول اليوم الثاني من وقف إطلاق النار الهَشّ بين إسرائيل والجماعة المسلحة «حزب الله»، ولم يكن من الواضح على الفور ما هو تأثير الضربة أو ما إذا كانت تنتهك الاتفاقية. و»حزب الله» لم يُصدر تعليقاً فورياً على الضربة.
في الصباح، بدا أنّ الاتفاقية، التي أنهت موقتاً الصراع الأكثر دموية في لبنان منذ نهاية الحرب الأهلية عام 1990، لا تزال صامدة. وأجبرت الحرب حوالي ربع سكان لبنان على الفرار من منازلهم، وبدأ الآلاف منهم بالعودة إلى مجتمعاتهم المدمّرة، خصوصاً في الجنوب والشرق (البقاع)، يوم الأربعاء بعد دخول وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة حيّز التنفيذ.
تنصّ اتفاقية وقف إطلاق النار على هدنة لمدة 60 يوماً وانسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية من لبنان، لكنّها أقل وضوحاً في ما يتعلّق بالسماح للمدنيّين بالعودة إلى منازلهم.
أمس الخميس، أعلن الجيش الإسرائيلي أنّه أطلق النار على أشخاص وصلوا إلى مناطق عدة في جنوب لبنان لأنّهم كانوا ينتهكون الاتفاقية. وأشار البيان إليهم بـ»المشتبه فيهم»، لكنّه لم يوضّح مَن هم ولم يردّ على الفور على طلب للحصول على تفاصيل إضافية.
وأوضح أفيخاي أدرعي، المتحدث باللغة العربية باسم الجيش الإسرائيلي، أنّ على السكان الذين فرّوا من بلدات في أقصى الجنوب أن يبتعدوا «حتى إشعار آخر»، وأنّ الحركة داخل تلك البلدات محظورة. وأضاف لاحقاً أنّ الجيش سيفرض حظر تجوّل ليلي في المنطقة، مضيفاً: «أي شخص يتحرّك جنوب هذا الخط يعرّض نفسه إلى الخطر».

 

من جهته، أوضح الجيش اللبناني أنّه يعمل على تشغيل «حواجز موقتة» وتفجير ذخائر غير منفجرة في المناطق التي انتشر فيها، كما يعمل على فتح الطرق التي أغلقت أو تضرّرت أثناء القتال. وذكر أنّ هدفه هو مساعدة النازحين على العودة إلى منازلهم.
كانت تفلة عمّار، البالغة من العمر 79 عاماً، واحدة من أولئك الذين عادوا إلى منازلهم. عادت إلى بعلبك، في شمال شرق لبنان، أمس الخميس بعد شهرَين من اللجوء إلى بيروت. وأكّدت أنّها «تبكي طوال اليوم».
وأضافت عمّار، التي عادت إلى منزلها لتجد الكثير من أبنية حيّها مدمّراً: «أنا امرأة عجوز. لستُ مرتبطة بأي جهة. ماذا فعلت لأستحق هذا؟».
بعض المجتمعات الأكثر تضرّراً في لبنان هي البلدات الواقعة على الحدود مع إسرائيل. لسنوات، كانت هذه البلدات تخضع فعلياً إلى حكم «حزب الله»، الجماعة المسلّحة المدعومة من إيران.
بدءاً من تشرين الأول 2023، استخدم الحزب هذه البلدات لإطلاق هجمات صاروخية يومية تقريباً على شمال إسرائيل تضامناً مع حركة «حماس»، حليفته المدعومة من إيران في قطاع غزة. هذه الهجمات أجبرت عشرات الآلاف في إسرائيل على الفرار من منازلهم. لكنّ قلة في إسرائيل، حيث قدّمت الحكومة مساعدات إلى الأشخاص الذين فرّوا من الصراع، بدت متحمّسة للعودة عند بدء الهدنة.
وأكّدت غال أفرهام، 29 عاماً، مدربة كلاب من مرغاليوت، وهي قرية صغيرة في إسرائيل تبعد 200 ياردة فقط عن الحدود: «ليس لدينا نية للعودة إلى المنزل بعد».

 

استغلت أفرهام وزوجها وقف إطلاق النار لزيارة منزلهما لأول مرّة منذ أكثر من عام. وكان المنزل، الذي هجراه على عجل، تنبعث منه رائحة الطعام الفاسد الذي تُرك خلفه بعد انقطاع الكهرباء، بحسب قولها.
تعرّضت منازل عدة في القرية إلى أضرار، ودُمّرت العديد من حظائر الدواجن. وأعربت أفرهام عن شكوكها في أنّ وقف إطلاق النار سيستمر، مشيرةً إلى صفارة إنذار انطلقت ليلاً في بلدة حدودية قريبة كتذكير بعدم الاستقرار المستمر. وأضافت: «بحسب ما نعرفه، لا أحد يعود إلى المنزل».
صعّدت إسرائيل ردّها العسكري على هجمات «حزب الله» في منتصف أيلول، وبدأت غزواً برياً في الأول من تشرين الأول. وأسفرت الحرب عن مقتل نحو 3,800 لبناني و100 إسرائيلي، وفقاً لحكومتَيهما.
بموجب اتفاقية وقف إطلاق النار، سيلتزم كل من إسرائيل و«حزب الله» بهدنة لمدة 60 يوماً. وخلال هذه الفترة، ستنسحب إسرائيل تدريجاً من لبنان، وسيقوم «حزب الله» بنقل مقاتليه من جنوب لبنان، ممّا يخلق نوعاً من المنطقة العازلة بين حدود إسرائيل ونهر الليطاني.
ستتولّى قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة والجيش اللبناني، الذي لم يكن طرفاً في الصراع بين إسرائيل و«حزب الله»، تأمين هذه المنطقة. وتمّ التوسط في الاتفاقية من قِبل الولايات المتحدة وفرنسا، وتمّ قبولها رسمياً من قِبل حكومتَي إسرائيل ولبنان.
لكن لا يزال الجدول الزمني للتنفيذ الكامل للاتفاقية غير مؤكّد، إذ أكّدت إسرائيل أنّ أفعالها ستعتمد على كيفية تطوّر الأحداث في لبنان، وتعهّدت بالردّ إذا رأت أنّ «حزب الله» استأنف نشاطه العسكري العدائي. فوقف إطلاق النار المماثل (القرار الأممي 1701) الذي أنهى حرباً بين إسرائيل و«حزب الله» في عام 2006 لم يُنفّذ بالكامل أبداً.