IMLebanon

من “غضب الأهالي” إلى “الميدان يقرِّر”

 

بارعٌ الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله في اجتراح المخارِج للأوضاع الصعبة، وإيجاد الأجوبة للأسئلة الشائكة. منذ اليوم الأول لعملية «طوفان الأقصى»، التي انقلبت حرباً على غزة، كان هناك سؤال أساسي يُطرَح، من واشنطن إلى تل أبيب، مروراً بأكثر من عاصمة، يقول السؤال: ماذا سيفعل «حزب الله»؟ هل سيدخل الحرب ويفتح جبهة الجنوب انطلاقاً من نظرية»وحدة الساحات»؟

 

في اليوم التالي على بدء الحرب، قام بعملية موضعية وصَّفها بشكل دقيق في البيان الذي أصدره في خصوصها، فتحدَّث البيان عن الردّ على موقع عسكري في «أرضٍ لبنانية محتلة». لم يَشفِ البيان غليل المتابعين الذين استشفّوا منه أنّ «حزب الله» لا يريد فتح جبهة الجنوب، بل هو يتحاشى ذلك، تذكَّروا حادثة الجنوب، حين قُتِل جندي إيرلندي من قوات الطوارئ الدولية على يد «حزب الله»، ردَّ الحزب التهمةَ عنه، وقال إنه «غضب الأهالي» الذي أدّى إلى تلك الحادثة، جاء هذا الموقف على الرغم من أن التحقيقات أثبتت أن عنصريْن من «حزب الله» متورّطان في مقتل الجندي الإيرلندي، وأنّ «حزب الله» رفض تسليم أحدهما للقضاء.

 

ومن «غضب الأهالي»، إلى «الميدان»، السيد نصرالله حمَّل كل ما يجري في الجنوب، منذ الثامن من تشرين الأول الفائت، إلى ما سمَّاه «الميدان»، أي المجموعات المتواجدة على الأرض، فاعتبر أنّ «المعركة اليوم مختلفة ولست أنا من يعلن عن الخطوات، فسياستنا في المعركة الحالية هي أنّ الميدان هو الذي يفعل وهو الذي يتكلّم، وفي جبهة لبنان يجب أن تبقى العيون على الميدان وليس على الكلمات».

 

بمعنى أوضح، كأن السيد يقول: «الأمر ليس لي بل للميدان». عسكرياً، لا أحد يأخذ هذه المقولة على محمل الجِدّ، الجميع يعرفون أنّ «لا شعرة تسقط من رأس أحد في الجنوب، من صيدا إلى الناقورة، إلا بأمرٍ من «حزب الله»، فكيف بإطلاق صواريخ؟ ثم إذا كان يجب أن تبقى العيون على الميدان وليس على الكلمات، فلماذا يتكلَّم؟

 

إنّ «تسليم أمر العمليات للميدان» يعني ما يلي:

 

«حزب الله» يناوِر، إلى أقصى درجات المناورة، ويترك لنفسه هامش التحرُّك من دون أن يتحمَّل هو المسؤولية. كما أنّ «تسليم أمر العمليات للميدان» يعني أنّ إيران، الراعي الرسمي لكل ساحات الممانعة، لا قرار لديها بدخول الحرب إلا في ساحة غزَّة حيث يبدو أنّ «رياح الميدان» لا تجري وفق «ما تشتهي سفن» الجمهورية الإسلامية التي تعرف جيداً كيف تقرأ الخرائط، وتميِّز بين ما هو دعائي وبين ما هو حقيقي. تمارس الجمهورية الإسلامية أعلى درجات المناورة وتقدِّم للولايات المتحدة أنموذجين: أنموذج غزَّة وأنموذج لبنان، وعلى واشنطن أن تختار، ويبدو أنها اختارت أنموذج لبنان، وعليه ما هو الثمن الذي ستقبضه إيران في لبنان لجهة تركِها الجبهة للميدان؟