Site icon IMLebanon

“إسرائيل” تخشى تصعيداً مُرتقباً لحزب الله لا يُلامس “الحرب المفتوحة”

قلق أميركي من استهداف “مجهول” لثلاثة مواقع حيويّة واستراتيجيّة
جبهة الجنوب حققت مُستوى عاليا من الردع :تكتيكات وأسلحة نوعيّة وسيطرة على الأرض

ازاء انتقادات الكثير من المغرضين وحماسة الكثير من المؤيدين لحزب الله، تسير المواجهات على الحدود الجنوبية ضمن اطار محدد تديره قيادة المقاومة “بحنكة”، ودراية كبيرة بعقلية العدو وواقعه المأزوم على الرغم من “البطش” الهائل بحق المدنيين العزل في غزة. واذا كان ثمة اقرار بوجود ارتباك لدى محور المقاومة في كيفية حماية المدنيين في غزة، في ظل الغطاء الدولي والعربي للمجزرة، الا ان الاسئلة الوجودية مطروحة داخل كيان الاحتلال وليس لدى اي طرف آخر، خصوصا انه تجرع خلال الساعات القليلة الماضية ثاني اكبر فضيحة استخباراتية بعد الاخفاق في مواجهة “طوفان الاقصى”، عندما تبين ان كل المعلومات التي ورط فيها الاستخبارات الاميركية والغربية حول واقع مجمع الشفاء الطبي كانت مجرد اكاذيب، فلا انفاق، ولا اسرى، ولا قيادة وسيطرة لحركتي حماس والجهاد الاسلامي داخل المستشفى.

هذا “العمى” الاستخباري داخل القطاع، لا يقل سوءا عن “العمى” الاستخباراتي ازاء الجبهة مع لبنان، فما يريده حزب الله من خلال عملية الاشغال المتصاعدة على الحدود، وما يمتلكه من مفاجآت غير سارة، لا تزال لغزا محيرا للاميركيين و”الاسرائيليين” الذي لا يركنون للتقديرات التي تشير الى ان حزب الله سيكتفي حكما باعتبار المواجهة جبهة اسناد فقط، خصوصا انهم لم يحصلوا بدقة على اجوبة واضحة حول “خطوطه الحمراء”، التي يبدو انها تتبدل يوميا وفق تطورات الميدان لا السياسية، وهذا ما يجعل الاحداث مفتوحة على كافة الاحتمالات في ظل تنسيق عالي المستوى مع قيادة جبهة غزة المستمرة في القتال بضراوة.

ووفقا للمعلومات، فان ما اثار ريبة “الاسرائيليين” في الساعات القليلة الماضية تسريبات “مقصودة” لمصادر موثوقة عن اتجاه لدى حزب الله باعتباره القائد الفعلي لمحور يتحرك عبر جبهات في العراق وسوريا واليمين، الى رفع مستوى التدخل الميداني كمّا ونوعا ، لمواكبة المسار العسكري والسياسي، ولمحاولة الاجهاز نهائيا على فكرة تهجير الفلسطينيين من غزة وخصوصا شمالها على نحو نهائي، حيث تطل ملامح “خطة اسرائيلية” لاقامة منطقة عازلة شمالا، والضغط على المنظمات الدولية لاسكان هؤلاء في مخيمات تقام بمحاذات الشاطىء جنوبا، كمقدمة لانفجار سكاني ستدفع ثمنه مصر على نحو مباشر والاردن لاحقا.

الانتقال الى مرحلة جديدة من التصعيد، باتت تؤرق على نحو جدي الاميركيين، الذي حاولوا خلال الساعات الماضية الحصول على معلومات حول طبيعتها، وما الذي يعنيه الانتقال الى مرحلة جديدة من المواجهة دون الذهاب الى حرب شاملة، اي مواجهة بين “منزلتين”. الاسئلة بقيت دون اجوبة، لكنها ترافقت مجددا مع تهديد ووعيد بان واشنطن لن تبقى مكتوفة الايدي اذا كان التصعيد سيصيب على نحو مباشر مصالحها الاستراتيجية في المنطقة، في اشارة مباشرة الى الممرات المائية في باب المندب ومضيق هرمز، ومنصات استخراج الغاز، وهي نقاط ضعف استراتيجية، خصوصا اذا تعرضت لهجمات مجهولة المصدر!

ووفقا لمصادر مطلعة، بات “الاسرائيليون” على ثقة بان حزب الله لا يرغب بتوسيع الحرب، ولا يرغب بخوض معركة شاملة، وهو امر تتفهمه حركة حماس التي ترغب برفع مستوى التدخل لزيادة الضغط على “الاسرائيليين” والاميركيين في وقت تجري فيه مفاوضات حول تبادل الاسرى. لكن في الوقت نفسه، ادركت المحافل السياسية والامنية في دولة الاحتلال من خلال الجولة القتالية المتدحرجة، ان حزب الله مستعد جدا جدا لاي خروج للحرب عن السيطرة، وهو برهن من خلال تدرجه في استخدام الاسلحة انه يملك الكثير من المفاجآت، وبعضها متطورة تقنيا، والاهم انه يسيطر بشكل تام على مسرح العمليات، ويملك معلومات دقيقة عن كامل الجبهة الشمالية وصولا الى عمق “المدن الاسرائيلية”. والاكثر اثارة للقلق حتى الآن كانت منظومة المسيرات المتنوعة التي استخدم بعضها، وسيكون لها دور فعال ومؤذي للغاية الى جانب الصواريخ الدقيقة في اي حرب مقبلة.

وفي هذا السياق، وبعيدا عن كونها جبهة مساندة، فقد لفتت اوساط مطلعة الى ان ما تحقق حتى الآن جنوبا امر بالغ الاهمية على الصعيد “الردعي”، وباتت “اسرائيل” التي يثرثر قادتها اكثر “حكمة” قبل اساءة التقدير مرة جديدة على الجبهة الشمالية، فـ “الجيش الاسرائيلي” لم يعد يسيطر على مسرح الاحداث واستسلم لأمر عمليات حزب الله الذي يختار إطلاق قذائف الهاون، واستخدام عدد كبير ومتنوع من الوسائل مثل المسيّرات الهجومية وصواريخ الكاتيوشا والصواريخ مضادة للدروع، وهو يجبي الثمن من “الجيش الاسرائيلي” معنويا وماديا وعلى مستوى الخسائر البشرية، و”اسرائيل” لا تملك اجابة واضحة حول سؤال ماذا بعد؟ وكيف نتخلص من هذه المشكلة؟ وكيف تعيد المستوطنين دون ابعاد “الرضوان” عن الحدود؟

وتقارن هذه الاوساط، بين رد فعل حزب الله على الارض، ونجاحه في فرض معادلة ردعية تحمي المدنيين، وتمنع “اسرائيل” او تجعلها تفكر مئة مرة قبل الدخول في مواجهة شاملة، وبين التهديدات الاردنية التي لا تأخذ بها “اسرائيل” ولا تعيرها اي انتباه. فعلى الرغم من تكرار وزير الخارجية الاردني ايمن الصفدي لمقولته الشهيرة بان بلاده ستعتبر تهجير السكان قسرا من غزة باتجاه مصر أو من الضفة الغربية باتجاه المملكة، اعلان حرب سيتم التصدي لها، إلا أن النخب الرسمية والسياسية في “اسرائيل”، لا تبدو منشغلة في تحديد وتفسير الخطوات التي ستتبع “إعلان الحرب”، فاليمين “الإسرائيلي” يعمل وفق تفويض أميركي يسمح بتحريك سكان غزة، وينفذ عمليات أمنية وعسكرية قاسية بدأت فعليا في الضفة الغربية في اليوم التالي لإعلان عمان ان ما يجري إعلان حرب على الأردن والأردنيين!

توضيحات الصفدي كانت كفيلة بعدم اخذ التهديدات بجدية، وهوعندما سُئل عن تفسير ذلك، وعما إذا كان يعني أن الأردن سيدخل في حالة حرب وصدام عسكري، قال بأن الأردن “ليس بصدد إعلان عمل عسكري ولا أحد يطالبه بذلك”. في المقابل، قلل حزب الله من التصريحات والمواقف، وقال امينه العام السيد حسن نصرالله”انظروا الى الميدان”، حيث تستمر “الرسائل” النارية الردعية، فيما تبقى مؤازرة غزة دون سقف محدد كمّا ونوعا وفي الجغرافيا، في ظل دوره الفاعل على اكثر من جبهة قد تأتي منها المفاجآت.