Site icon IMLebanon

3 أشهر لولادة التسوية ما بعد الحرب… ولبنان على “الطاولة” أربع لاءات تحكم المشهد جنوباً… وسقوط “المنطقة العازلة”؟ 

 

 

يبدو ان الولايات المتحدة قد تراجعت عن الجهود لأجل إقامة “منطقة عازلة” بين كيان الاحتلال الاسرائيلي وحزب الله على الحدود الجنوبية، وعلى الرغم من اهمية واولوية ملف الحرب على غزة، فان مستشار الامن القومي جاك سوليفان يحمل معه ملف الحدود الجنوبية الى “اسرائيل”، وهو مكلف من قبل البيت الابيض العودة الى واشنطن بموقف “اسرائيلي” واضح من قبل “الحكومة الاسرائيلية”، بعدم الاقدام على اي خطوة متهورة على الحدود مع لبنان، لان ثمة صيغا يجري العمل عليها لادارة الموقف في اليوم التالي لتوقف المواجهات في غزة، دون ان تكون فكرة المنطقة العازلة على “الطاولة”، لانها قد سقطت بفعل شرط لاغ وضعه حزب الله.

 

هذه المعلومات، المستقاة من مصادر ديبلوماسية تشير الى ان المستشار الرئاسي لشؤون الطاقة عاموس هوكشتاين عاد الى واشنطن من زيارته الاخيرة الى بيروت، بقناعة مفادها انه لا تفاوض على ترتيبات او تسويات قبل وقف اطلاق النار في غزة، وهو موقف ابلغه حزب الله لكل الوسطاء. واليوم يعمل الاميركيون في الوقت الضائع على ابقاء حدود التوتر الحالي على هذه الجبهة ضمن الاطر القائمة حاليا، وثمة ضغط حقيقي على “الحكومة الاسرائيلية” لضبط النفس وعدم جر المنطقة الى صراع واسع قد يكون مكلفا للجميع.

 

في المقابل، توقف الضغط على الجانب اللبناني الذي قادته باريس، وبات اليوم اكثر عقلانية بطلب اميركي، ولم يعد المطلب راهنا إقناع حزب الله بالانسحاب من الحدود، بل الحصول منه على التزام واضح بالعودة الى “قواعد الاشتباك” القديمة عندما تضع الحرب اوزارها.

 

ووفقا للمعلومات، فان حزب الله لم يمنح “الوسطاء” اي اجابة واضحة حول نياتها في “اليوم التالي”، وابقى “الابواب” مشرعة على كافة الاحتمالات، لانه يرفض منح العدو اي التزام مسبق يمكن ان يريحه، فهو يصر على ابقائه متوترا وغير قادر على قراءة المشهد المقبل، خصوصا ان ما حصل بعد السابع من تشرين الاول قد يغير الكثير من قواعد “اللعبة” ليس في غزة ولبنان وانما في المنطقة، ولهذا فان حزب الله لا يجد نفسه ملزما بمنح اجوبة مجانية الآن، فيما لا تزال الحرب دائرة ودون هوادة. وبانتظار موزاين القوة الجديدة، فان الميدان سيبقى الكلمة الفصل في حرب المساندة، التي تتطور كما ونوعا وفقا لحسابات دقيقة مرتبطة بعوامل عديدة سياسية وميدانية على كامل مساحة المنطقة.

 

وامام هذه المعادلة، سيلمس المسؤولون اللبنانيون تعديلا جوهريا في “الرسائل” التي ستنقل الى لبنان، وقد يكون اولها من قبل وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا، التي ستخفف من حدة المواقف التي حملها مسؤول الاستخبارات الخارجية بيرنار ايمييه، وهي ستكرر على مسامع من ستلتقي بهم ضرورة تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي 1701  لا تعديله، وهي ستطرح كيفية منح الجيش اللبناني دورا أكبر في المرحلة المقبلة بمؤازرة قوات اليونيفيل. اما تعبير “المنطقة العازلة” فهو امر صعب التطبيق، كما تشير المصادر نفسها، لان حزب الله سبق وابلغ كل من فاتحه بهذا الطرح، ان هذا الخيار اذا كان سيناقش على الطاولة ، فهو يعني حكما ان المنطقة العازلة يجب ان تكون على الجانبين من الحدود، واي طرح دون ذلك فهو غير مقبول، لان مَن كان يخرق القرار الدولي هو “اسرائيل”، وربما تكون الحاجة مستقبلا الى قوات دولية للجمها داخل حدود فلسطين المحتلة.

 

ووفقا للاميركيين، لن تقبل “اسرائيل” هذا الشرط ابدا، اي انه بات شرطا لاغيا للفكرة برمتها، وكل التحذيرات “الاسرائيلية” التي تشير الى انها لم تعد قادرة على قبول وجود قوات لحزب الله على حدودها الشمالية، مجرد ضغوط لم تعد تجدي نفعا، لان التهديد باتخاذ إجراء عسكري غير قابل للتسييل على ارض الواقع، وهو مجرد تهويل للحصول على تسوية نظرية تحفظ بعض “ماء الوجه” للحكومة امام المستوطنين، الذين يطالبون بضمانات لعودتهم الى مستوطناتهم، وللمفارقة فان لا احد يمكنه منحهم اياها الى حزب الله.

 

وتتخذ واشنطن موقفا متشددا من توسع رقعة الحرب، وعندما قال وزير الحرب يوآف غالنت ان احد “الخيارات الاسرائيلية” دفع حزب الله عبر إجراءات عسكرية الى شمال الليطاني، جاء الرد من البيت الابيض الذي اكد ان الاتصالات الديبلوماسية لا تزال متواصلة، وان أحد الأشياء التي أوضحها الرئيس بايدن ووزير الخارجية انتوني بلينكن منذ البداية، هو ان واشنطن لا تريد أن ترى هذا الصراع يتوسع، خصوصا بين حزب الله و “اسرائيل”.

 

وفي الخلاصة، لا تطمينات “لاسرائيل”، ولا حرب كبرى، ولا تفاهمات قبل انتهاء حرب غزة، ولا خفض للتصعيد العسكري، اربع لاءات تحكم الواقع جنوبا في هذه المرحلة الصعبة، التي يفترض ان تتبلور في صيغتها النهائية خلال الاشهر الثلاثة المقبلة، وهو موعد ضربه احد كبار المسؤولين الخليجيين لاحد المسؤولين اللبنانيين، خلال رده على سؤال حول مستقبل الوضع الراهن، فكان الجواب ان مدة 90 يوما يعتبرها الاميركيون كافية جدا “للاسرائيليين” للاقتناع بمحدودية تحقيق العناوين الكبرى لحربهم، التي لا بد ان تتوقف خلال اسابيع، لتنطلق بعدها المحادثات الجدية حول “اليوم التالي”، حيث يفترض ان تكون هذه المهلة الزمنية كافية كي تتبلور الامور على نحو نهائي، ليس في غزة فقط وانما على الجبهة الجنوبية ايضا.