أيّاً يكن الرد الميداني لاحقاً انتقاماً لصالح العاروري، علماً أن الرد لم يكن «مزلزلاً» بعد اغتيال قاسم سليماني، فإن التوجيه الإيراني لحلفائها في الإقليم، ولحزب الله تحديداً، هو الالتزام بقواعد الاشتباك. فعلى الرغم من حادثة التفجير الإيرانية وانفجاري كرمان اللذين أوديا بحياة أكثر من مئتي شخص قرب قبر القائد التاريخي للحرس الثوري قاسم سليماني، وعلى الرغم من اغتيال سبعة أشخاص بالأمس بينهم قادة من حماس والقسّام، فإن كلمة السر ما تزال هي عدم خوض حرب إقليمية مع إسرائيل!
إسرائيل من جهتها سجلت نقاطاً بالأمس في تنفيذ اغتيال العاروري في قلب الضاحية وفي قلب بيئة حزب الله. هذا الاغتيال أظهر اختراقاً للموساد لبيئة الحزب بعملاء من الداخل! وذلك، بعكس ما ظهر في فشله الاستخباري في 7 أكتوبر. ومع ذلك، فلا يمكن ترجمة هذا الاغتيال الى نصر شخصي لنتنياهو ولا لاستعادة الثقة بالأمن أو بالجيش من قبل الرأي العام الإسرائيلي. فالمعركة لم تحقق الكثير في غزة، والاقتصاد الإسرائيلي يعاني وإن كان صامداً، وحركة مغادرة الإسرائيليين لبلدهم وصلت الى حوالى 400.000 شخص، بالإضافة الى حوالى 100.000 مهجّر «قسري» من غلاف غزة ومن قرى شمال إسرائيل ومن قريات شمونة بسبب ضغط حماس وحزب الله.
إسرائيل تبدو بعملية الاغتيال بالأمس، وبعد رد نصر الله «المسالم» اليوم، تبدو وكأنها استعادت المبادرة بفرض حدود جديدة لقواعد الاشتباك يمكنها اختراقها من جهة واحدة من دون أن تخشى أي تصعيد من الحزب! لا بل فإنها تحتفظ أيضاً بمبادرة إطلاق الحرب الشاملة على حزب الله عندما تريد، وفي الظروف التي تراها مناسبة!
* صحافي ومحلل سياسي