ترتفع وتيرة المواجهات جنوباً ما يهدّد بتوسّع رقعة الحرب. وتنشط الديبلوماسية العربية والغربية لتجنيب لبنان نيران الحروب. وإذا كان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مقتنعاً بضرورة تجنيب لبنان حرب غزة وتداعياتها، يبقى القرار في يد من يحمل السلاح، أي «حزب الله»، وليس الدولة اللبنانية.
يعمل ميقاتي ومعه الدولة اللبنانية على تلقّي الرسائل ونقلها إلى «حزب الله»، دلالة على حالة الإهتراء التي وصلت إليها الدولة اللبنانية. ويتركّز نشاط الديبلوماسية الغربية على محاولة منع توسّع الجبهات.
وفي هذا الإطار، تُشدّد مصادر ديبلوماسية مطّلعة على أنّ الأمتار تضيق بين الذهاب نحو حلّ ديبلوماسي وبين إشتعال جبهة الجنوب، وبالتالي صار لبنان أمام مفترق طرق خطر.
وتوضح المصادر أنّ الدول الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية وروسيا وفرنسا وبريطانيا متفقة على تجنيب لبنان أي تصعيد، لكن المشكلة في أنّ قرار الحرب والسلم في يد طهران وليس في بيروت. وتكشف المصادر أنّ القيادة الأميركية ومعها القيادة الروسية، تختلفان في أوكرانيا لكنهما تتفقان بشكل كامل على حماية أمن لبنان واستقراره.
ودخلت الديبلوماسية الروسية بشخص وزير خارجيتها سيرغي لافروف ونائب وزير الخارجية الروسية وموفد الرئيس فلاديمير بوتين إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ميخائيل بوغدانوف بقوّة على خطّ الوضع جنوباً منعاً لتمدّد الحرب.
وتكشف المعلومات عن حصول شبه اتفاق أميركي – روسي، حتى لو لم يكن معلناً أو حدث نتيجة اتفاق رسمي، يتلخّص بالآتي:
أولاً- إتفاق على أنّ أي حرب ستشنّ على لبنان ستأتي بنتائج كارثية على بلد في حال انهيار.
ثانياً- نقل رسائل التحذير إلى المسؤولين اللبنانيين، وهذه التحذيرات وصلت إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال وإلى وزير الخارجية عبدالله بو حبيب.
ثالثاً- تكثيف الاتصالات والمساعي عبر الحراك الديبلوماسي من أجل لجم أي توتّر قدّ يحصل.
رابعاً- السعي إلى إيجاد حلول ديبلوماسية ومخارج لإخماد النار في جنوب لبنان وحماية العاصمة بيروت وكل البلد.
خامساً- إجراء المشاورات للتوصل إلى حلّ شامل يُنهي المشكلات العالقة بين لبنان وإسرائيل والتأسيس لمرحلة جديدة.
سادساً- العمل على تطبيق القرارات الدولية، وعلى رأسها القرار 1701.
وفي هذه النقطة، هناك التقاء أميركي- روسي على الجوهر، وإن كان هناك بعض الإختلافات، فعلى سبيل المثال، لا تحبّذ موسكو توسيع نطاق الـ1701 ليشمل الحدود الشرقية والشمالية، وكذلك لا تتحمّس لوضع هذا القرار تحت الفصل السابع، لأنها لا تثق كثيراً بنوايا الدول الغربية، بينما تحاول واشنطن العمل ليس على حماية لبنان فحسب، بل على صون أمن إسرائيل.
وعلى رغم التباعد بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلا أنّ الغارات الجوّية التي ينفّذها الطيران الحربي الإسرائيلي داخل سوريا واستهدافه قيادات في «الحرس الثوري الإيراني» و»حزب الله» تدل على عمق التنسيق الإستراتيجي بين موسكو وتل أبيب.
تتّفق واشنطن وموسكو على ضرورة حماية لبنان وأمن إسرائيل، ولا تمانع موسكو في إعادة بثّ الروح في القرار 1701 ولو معدّلاً إذا كان هذا الأمر يحمي الأهداف الإستراتيجية، وسبقت موسكو واشنطن في نقل التحذيرات الإسرائيلية إلى لبنان، حيث تبلّغ لبنان الرسمي مجدداً الرسائل الروسية التي تؤكد أنّ توسيع رقعة الحرب سيجعل لبنان غزة ثانية وسط الإستشراس الإسرائيلي الذي يتزامن مع تحقيق تقدّم ميداني على أرض غزة.
وإذا كانت الدول الكبرى ترى الخطر الداهم، يبقى القرار الأخير في يد «حزب الله» وإسرائيل، فـ»الحزب» ينتظر إتجاه الميدان، بينما لا يعرف أحد نوايا إسرائيل التي قد توسّع الحرب، وعندها سيدفع لبنان ثمن إدخاله في حرب ليست حربه.