لم يحمل الموفد الأميركي آموس هوكشتاين أي جديد يفوق التوقعات التي كانت قد انتشرت قبل زيارته الى لبنان، خاصة مع اقتناع الأميركي بتلازم الحل في غزة مع الحل في لبنان، وأن لا حديث جدي في بيروت قبل وقف الحرب على غزة، وما ينطبق على الوضع الأمني يبدو أنه ينطبق على الملف الرئاسي ولو بشكل غير مباشر.
لا جديد يسجل على مستوى الاستحقاق الرئاسي، حيث الجميع لا يزال ينتظر عودة المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، بالتزامن مع ترقب لحراك من الممكن أن تبادر إليه الدوحة في الأسابيع القليلة المقبلة، في ظل المعلومات عن أن اللجنة الدولية الخماسية في طور عقد إجتماع جديد في الفترة المقبلة، قد يحدد موعده قريباً بحال لم تحصل مستجدات تؤخره.
على الرغم من ذلك، بات الجميع يسلم بأنه من الصعوبة في مكان الذهاب إلى أي تسوية في وقت قريب، على قاعدة أن التركيز في الوقت الراهن هو على الملف الأمني، من بوابة السعي إلى إعادة الإستقرار إلى الجبهة الجنوبية، وهو الملف الذي ينحصر الاهتمام الدولي به.
من هنا، تأتي المخاوف التي لدى بعض قوى المعارضة، في المراحلة الراهنة، من مقايضة قد تحصل على هذا الصعيد، على أساس أن قوى الثامن من آذار ستسعى إلى الحصول على مكاسب داخلية نتيجة أي تسوية قد تحصل في الملف الأمني، فهل لهذه المخاوف ما يدعمها على أرض الواقع؟
كنا قد كشفنا سابقاً أن الموفدين الدوليين كانوا على استعداد لتقديم “لبن العصفور” لحزب الله لأجل وقف عملياته العسكرية جنوب لبنان، ولكنه لم يرض بذلك لسببين أساسيين، تقول مصادر متابعة، السبب الأول اخلاقي وله خلفيات إيمانية ودينية، فما قام به الحزب في الجنوب يأتي لدعم غزة ورفض العدوان على أهلها، وبالتالي لا يمكن له أن يدخل بمفاوضات تتعلق بالجبهة الجنوبية قبل توقف الحرب على غزة، والسبب الثاني استراتيجي حيث هناك قناعة بأن الحرب على غزة لو لم يتدخل فيها الحزب كانت لتنتقل الى لبنان بمرحلة قريبة، وهذا نقاش يطول سيكون له الكثير من الشرح في خطابات الحزب بالمرحلة المقبلة.
إذاً ما تقوله المصادر هو أن المقايضة التي يتحدثون عنها بين الرئاسة والوضع في الجنوب مقايضة سخيفة بسيطة مقارنة بما عُرض على المقاومة، ورغم ذلك رفضت، وبالتالي فإن ما يحكى عن مقايضة هو أمر كاذب، ولكن بالمقابل هناك تفهم لطرح هذه المخاوف من قبل قوى سياسية تصنف نفسها في خانة المعارضة.
هذا التفهم ينطلق من واقع يقول ان القوي هو من يجلس الى طاولات التفاوض في هدوء الحرب، ما يعني أن هذه القوى تعلم أن التسويات في المنطقة لن تأخذ بالحسبان مواقفها بل مواقف القوي، وفريق المقاومة في لبنان هو الفريق القوي، وهو الفريق الذي يحضر الموفدون الدوليون لأجل التحاور والتفاوض معه وبحث اليوم التالي للحرب معه، رغم أن هذا الفريق كان قد أكد مراراً أنه لا يسعى لانعكاس نتائج الحرب على غزة “رئاسياً”، احتراماً للتوازنات السياسية في لبنان، وكان ولا يزال من دعاة الحوار الداخلي لإنتاج رئيس بأكبر توافق ممكن.