اللافت جدّاً، أمس، إعلان حكومة نتانياهو أن وقف إطلاق النار، في حال التوصل إليه في قطاع غزة، لن ينطبق على الجبهة مع حزب الله في لبنان. ويكتسب هذا الموقف أهمية خاصة كونه يتناقض والموقف السابق في وقف إطلاق النار الموقت، قبل بضعة أسابيع، الذي تمّ التوصل اليه بين جانبَي الحرب في غزة والتزم به حزب الله تلقائياً. يومها تقيّدَ طرفا جبهة الجنوب بوقف القتال. وعندما استأنفه الطرفان في غزة استأنفته المقاومة الإسلامية والجهات التي تقاتل تحت عباءتها، ولم يصدر عن الكيان العبري أي اعتراض.
يندرج هذا الموقف المستَجَدّ في إطار تصميم العدوّ على تطبيق القرار 1701 من جانب لبنان وحده. علماً أن الصهاينة خرقوه آلاف المرّات قبل السابع من تشرين الأول الماضي.
ولم يعد جديداً أن الاحتلال لا يريد أن يكتفي بالقرار كما هو إنما يريد أن يفرض إضافات عليه من شأنها أن تعيد النازحين الى المستعمرات في شمال فلسطين المحتلّة براحة وطمأنينة على قاعدة ابتعاد المقاومة اللبنانية الى شمالي مجرى نهر الليطاني.
طبعاً ليس ثمة ما يشير الى أن حزب الله سيمنح العدو هكذا جائزة ترضية كبرى من دون أي استحقاق، فهو لم يسجّل انتصاراً مؤزّراً في مواجهات الأشهر الأربعة الماضية، والعكس صحيح، أو أقلّه كان التوازن فارضاً ذاته في أحسن الأحوال، وهذا يمكن تفسيره نوعاً من الهزيمة للاحتلال كونه لم يحقق شيئاً إضافة الى تعرضه الى خسائر كبيرة لم يعتد على مثلها في ما قبل.
اذاً، هدف العدو الضغط على حزب الله لينصاع الى رغبة الصهاينة في أن يسرحوا ويمرحوا على هواهم في المناطق الحدودية المتاخمة للبنان، وإلّا فإن حرب الاستنزاف متواصلة. وأمّا المشهد فسيكون على غرابة: وقف إطلاق نار في غزة، وجبهة مشتعلة مع حزب الله.
والسؤال: ماذا سيكون موقف حزب الله من هذه المعادلة الغريبة؟
في تقديرنا أنه قبل جواب الحزب المعروف سلفاً برفض إعطاء العدو نصراً لم يحرزه في الميدان، يجب معرفة مواقف الدول التي تتولّى التفاوض مع الجانب الصهيوني (لا سيما الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا ودولة قطر ومصر): فهل ستستثني هذه الدول الجبهة اللبنانية من اتفاق وقف القتال؟ ولربما كان السؤال الأكثر إلحاحاً هو: ماذا سيكون موقف حماس التي فتح الحزب جبهة الجنوب لمساندتها ولمشاغلة عدوهما المشترك. فهل ستبادله بالمثل، أو إنها ستلقي السلاح وتتجه الى «استراحة المحارب»؟