ديبلوماسي غربي: لا حرب كبيرة.. و”حزب الله” آذى إسرائيل
منذ الثامن من تشرين الأول “أكتوبر” الماضي، والأسئلة لا تتوقف حول إمكانية توسع الإشتباكات الجنوبية لتتحول إلى حرب حقيقية في لبنان أو حتى في الإقليم ربطا بالعدوان على غزة.
حتى اللحظة، ورغم قرب إكمال الحرب شهرها الخامس، لا تتوقف هذه الأسئلة بل اتخذت جدية اكبر مع توسع العمليات العسكرية العدوانية الإسرائيلية في العمق الجنوبي واللبناني.
طبعا تبقى الإجابة الحاسمة في هذا الموضوع قيد الغيب، فلا أحد يعلم حقيقة نيات واحدة من أكثر الحكومات الإسرائيلية تطرفا في تاريخ الدولة العبرية إن لم تكن أكثرها تطرفا على الاطلاق. إذ ان توسع الحرب رهن ما سترتكبه على رغم أن “حزب الله” كان الذي بادر إلى إشعال الجبهة الجنوبية.
الواقع أن اللاعبين كافة في الحرب، المباشرين وغير المباشرين، الكبار كما الأقل نفوذا، باستثناء رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو وبعض حكومته، لا يريدون للحرب أن تستمر أو أقله أن تتوسع.
يقدر ديبلوماسي غربي، في مجلس خاص، بأن لا حرب كبرى بين لبنان، أي “حزب الله”، وإسرائيل، لأسباب عديدة.
“فإسرائيل، مهما قالت وصرحت فهذا للاستهلاك وضمن إطار الحرب نفسها، لكنها لا تستطيع خوض حربين كبريين كما في غزة ولبنان، ناهيك عن نيتها المشكوكة في ذلك. ثم أن سكان الشمال يضغطون، وهم بعشرات الآلاف وقد يتخطون الـ 100 ألفا، للعودة، وهم أصلا يشكلون عبئا إقتصاديا على حكومتهم”.
ثم، وهذا الأهم، فإن “حزب الله” وجّه ضربات مؤذية لإسرائيل وسط عجز في كثير من الأحيان من “القبة الحديدية” وهي المنظومة الدفاعية التي تعوّل عليها إسرائيل، التي تعلم أن قدرات الحزب، تسليحيا وبشريا، كبرت كثيرا عن تلك في العام 2006، ونتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت لا يريدان جبهة شمالية، من دون أن يعني ذلك عدم رغبتهما بضربات عميقة كلما سنحت الفرصة لتوجيه رسالة ردع لـ”حزب الله”.
هذا الكلام للديبلوماسي الغربي لا يبسط الأمور، وهو، إذ يلفت النظر إلى ان جبهة الجنوب ستتوقف حالما تنتهي الحرب على غزة نتيجة الموقف الأميركي الذي سيضغط رفضا لذلك، يقر بأن موضوع الحدود الجنوبية يبقى شائكا والمساعي الغربية ستستمر وستتوسع في سبيل التوصل إلى حل على صعيده.
تعزيز الجيش وحماية “اليونيفيل”
والحل، حسب وجهة النظر الغربية، يتمثل في تطبيق القرار 1701، لكن هذه المرة مع عودة الحزب إلى الوراء وسط أكثر من طرح على هذا الصعيد. وثمة طلبات بتعزيز الجيش اللبناني عدة وعديدا في الجنوب وزيادة دوريات “اليونيفيل” وحمايتها، حتى وصل البريطانيون إلى طرح إنشاء أبراج مراقبة لا تزال أصلا الموافقة الإسرائيلية عليها غير متوفرة ناهيك طبعا عن اللبنانية. فإجابة لبنان بالنيابة عن “حزب الله”، مفادها أن لا حديث بما بعد الحرب سوى بعد انتهاء الحرب نفسها.
لذا وصل المبعوثون الدوليون إلى حائط مسدود في مباحثاتهم مع اللبنانيين. هذا ما حصل مع المبعوث الاميركي آموس هوكشتاين، ونائب مدير المخابرات الألمانية، أولي ديال، الذي كان التقى نائب الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم، والمدير العام للأمن الخارجي الفرنسي برنارد إيمييه وغيرهم..
ثمة رأي غربي هنا بأن في حال تعذر وقف الحرب في غزة ودوامها لأشهر اضافية، يمكن في حال اتخاذها مسارا أقل عسكرية، أن تخفف من واقع الاستنزاف الحالي في الجنوب، و”حزب الله” سيتجاوب مع ذلك.
الغرب بات أكثر تفهماً
طبعا هي مجرد وجهة نظر، تقوم على حل مرحلي خطوة خطوة تدريجيا على المدى الطويل، سيكون اكثر جدية بعد انتهاء حرب غزة.
وجهة النظر هذه ترفض ربط الجبهة الجنوبية بالحل الرئاسي، وهي تتقاطع مع أخرى تتشارك بها دول عربية وازنة ومهتمة بلبنان ومستعدة لضخ الأموال في سبيل خروجه من أزمته.
لكن دون ذلك صعوبات تتعلق بافتقاد الخارج للثقة بلبنان وبإحباطه جدا من هذا البلد بعد وعود لم تنفذ على أثر استثمارات بلا نتيجة.
تحضر هنا دولة عربية نافذة تعمل جديا على الخط الرئاسي شرط التزام لبنان بالإصلاحات ووصول رئيس لا يعادي الخارج.
وتأمل هذه الدولة بحل فلسطيني أيضا يتقاطع مع رغبة غربية، ويقوم على حل الدولتين والخلاص من متطرفي الدولة العبرية بعد التوصل إلى وقف للنار ومنع التهجير.
على أن خلاصة القول بالنسبة إلى الموقف الغربي عموما تجاه ما حدث، أنه لا يجب النظر فقط إلى ما حصل في 7 أكتوبر، إذ أن التاريخ لا يبدأ منذ ذلك الحين فقط.