على وقع التهديدات، والحرب النفسية التي يعتمدها قادة العدو الإسرائيلي، بوضع خطة محتملة لاجتياح بري للبنان، والمترافقة مع تصريحات لبعض المبعوثين الدوليين، وآخرها للموفد الأميركي «عاموس هوكشتاين» في بيروت وما فيها من تحذيرات مبطّنة ضد لبنان؛ سارعت دول أخرى، ومنها فرنسا لتعويم سردية يتم تداولها حول تبلّغ المجتمع الدولي بشكل نهائي شنّ «إسرائيل» عدواناً واسعاً على الأراضي اللبنانية.
أمام هذه السردية التي اعتمدها العدو الإسرائيلي، ومظلات التغطية لعدوانه على غزة من دول أوروبية وغير أوروبية، توقف المتابعون للتطورات الميدانية على الحافة اللبنانية – الفلسطينية:
في العنوان العريض، بات مسلّماً أن ما تعيشه «إسرائيل» من انقسامات وتعارض في المواقف، وتقديرات الحرب الجارية، معطوفا على وقائع الميدان، الذي يخفي كيان الاحتلال الكثير من حقائقه أمام الرأي العام الإسرائيلي، لا سيما الخسائر البشرية والاقتصادية والعتاد في جنوب فلسطين وشمالها، يؤكد أن ما تعيشه قيادة الجيش الإسرائيلي يحول دون اللجوء إلى أيّة مغامرة عسكرية باتجاه لبنان. ووفق المراقبين، يسعى الجيش الإسرائيلي لرفع معنويات كيانه مع الإقرار الضمني بأن معركته في الجبهتين خاسرة، لأنها لم ولن تحقق الأهداف التي أعلنها وشنّ الحرب على أساسها.
أما في المضمون، فيرى المراقبون أنه بعد أكثر من خمسة أشهر على الحرب، لم ينجز جيش الاحتلال إلّا مزيداً من الدمار والقتل الجماعي وارتكاب المجازر، مقابل صمود أسطوري تسجله المقاومة الفلسطينية، وأحياناً إمساكها بزمام المبادرة الميدانية، وإلحاق الخسائر في صفوف جنود الاحتلال وضباطه، وتدمير آلياته، بالإضافة إلى تحويل الآلاف منهم إلى معوقي حرب؛ هذا عدا عن استمرارها بقصف المستعمرات في غلاف غزة بالصواريخ وقذائف المدفعية؛ ما يعزز رؤية المتابعين عن كثب والخبراء العسكريين من أن جيشاً مهزوماً بالشكل والمضمون، لا يمكنه أن يغامر بفتح جبهة ثانية أو كما وصفها أحد قادة الاحتلال بنار جهنم.
من هنا كانت زيارة المبعوث الأميركي الخاص «عاموس هوكشتاين» الثالثة إلى العاصمة اللبنانية بيروت منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة، والتي تزامنت مع تصعيد ميداني على الحدود اللبنانية – الفلسطينية، كسابقاتها في الشكل والمضمون، فالزيارة التي اقتصرت على عدة ساعات، التقى خلالها هوكشتاين خارج أجندتها المعلنة، بعض النواب والفعاليات السياسية، حملت تصريحات انطوت على تهديدات ضمنية، على الأقل وفق ما فسّره المراقبون. ولعل أكثر ما أثار الريبة تصريحه بأن أيّة هدنة في غزة، قد لا تنعكس بالضرورة على الجبهة اللبنانية، وهو ما تقاطع في جانب منه مع التهديدات الإسرائيلية المتصاعدة بسيناريو التفرّغ لمواجهة حزب الله في لبنان، في حال فشلت الجهود الدبلوماسية التي يقودها الموفد الأميركي.
هذا وينتهي كلام المبعوث الأميركي مع التهديدات الإسرائيلية إلى نتيجة واحدة، يؤكد عليها العارفون، بأنها جزء من الحرب النفسية وزيادة الضغط على لبنان، لتوفير شروط تستوفي الرغبة الإسرائيلية في تطبيق القرار 1701.
وبالتالي تُطرح مجموعة من التساؤلات حول جديّة الأطراف الدولية بلجم كيان الاحتلال وثنيه عن توحشه في ارتكاب المجازر بحق الفلسطينيين، فيما تبقى جبهة الجنوب مشرّعة لكل احتمالات التوسّع، مع فارق أن المقاومة في لبنان تؤرق الاحتلال، وتجعله أسير معادلة الرعب فيما لو فكّر بتوسيع اعتداءاته وتحسّب الرد؛ وإن الصبح لناظره قريب.