في ظل التصعيد العسكري المستمر على الجبهة الجنوبية اللبنانية بين الجيش الإسرائيلي و”حزب الله”، وانتظار بارقة أمل متمثّلة اليوم بهدنة مرتقبة أو وقف مطلق لإطلاق النار بوساطة أميركية يقودها الموفد الخاص آموس هوكستين إلى بيروت، قدّم الخبير العسكري العميد المتقاعد خليل الحلو وفي حوار شامل مع “نداء الوطن” قراءة تحليلية دقيقة للتطورات الميدانية والاستراتيجية لهذه الحرب التي تهدّد مستقبل المنطقة.
عقيدة القتال الإسرائيلية: التفوق التكنولوجي والجوي في الصدارة
يرى العميد الحلو أن إسرائيل تعتمد بشكل أساسي على تفوقها الجوي والتكنولوجي، الذي تستثمره إلى أقصى حد. فعلى حدّ قوله “العمليات الإسرائيلية على الأرض تتميز باستخدام وحدات مشاة متخصصة، مثل وحدة “إيغوز”، التي تُعتبر خبيرة في قتال “حزب الله”. في المقابل، تُقلّل إسرائيل من استخدام الدبابات والمدرّعات لتجنب استهدافها بصواريخ “الحزب” المضادة للدروع، التي تتميز بفعاليتها العالية”.
أما الوجود العسكري الإسرائيلي في المناطق الجنوبية اللبنانية، فهو ليس ثابتاً، بل يرتكز على السيطرة الجوية والتنقل التكتيكي لتجنب الاستهداف. وفي القرى الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، يتم تدمير الأنفاق والبنى التحتية لجعلها غير قابلة للحياة أو الإنطلاق كقواعد للهجمات.
أهداف العمليات الإسرائيلية: إبعاد “حزب الله” وتعزيز السيطرة
يفسّر الحلو توسع العمليات الإسرائيلية إلى خمسة محاور رئيسية كجزء من استراتيجية لإبعاد “حزب الله” عن الحدود بمسافة تتراوح بين 5 و10 كيلومترات، الهدف من ذلك هو الحد من تهديد الصواريخ المباشرة المضادة للدروع، إضافة إلى استخدام المناطق المسيطر عليها كقواعد للعمليات العسكرية قد تمتد حتى نهر الليطاني وربما إلى البقاع.
تدمير القرى الجنوبية: سياسة تفخيخ بدل الاحتلال
وعند سؤاله عن السبب لعدم احتلال المناطق الحدودية بدلاً من تدميرها، أشار العميد الحلو إلى أن التدمير الممنهج للقرى الجنوبية يهدف إلى منع استخدامها كنقاط انطلاق لهجمات ضد إسرائيل. والغاية من هذا التدمير ليست الاحتلال، بل جعل هذه القرى مناطق عازلة غير قابلة للسكن، مما يمنع إطلاق الصواريخ أو تنفيذ هجمات مباشرة ضد القوات الإسرائيلية.
السكان المحليون والمخاطر المحدقة
بالنسبة للسكان الجنوبيين الذين رفضوا مغادرة أراضيهم، يرى الحلو أن عدم وجود “حزب الله” في بعض المناطق يجعلها خارج نطاق الاستهداف الإسرائيلي المباشر. ومع ذلك، يبقى الخطر قائماً بسبب التصعيد العام في المنطقة.
القطاع الغربي وموقع كفركلا: نقاط استراتيجية
يشير الحلو إلى أن العمليات الإسرائيلية في القطاع الغربي تهدف إلى السيطرة على طريق صور-الناقورة وربما صيدا-صور، مما يساهم في فصل الجنوب عن جبل لبنان. وعند الحديث عن المشهد الملفت في الآونة الأخيرة، ألا وهو تمركز “هرتسي هاليفي” في بلدة كفركلا واتخاذه لها مركزاً لعملياته، فيعتبر الحلو اختيارها مركزًا للقيادة الإسرائيلية خطوة استراتيجية لكونها ملاصقة للحدود، وتشكل بوابة نحو الخيام وسهل مرجعيون ونهر الليطاني والبقاع.
دور الجيش اللبناني ومستقبل الجنوب
وعند سؤاله عن دور الجيش “المخطوف”، يرى الحلو أن الجيش اللبناني هو الجهة الوحيدة القادرة على تطبيق القرار 1701 واتفاقية الهدنة، التي تنص على تسلمه الأمن والدفاع في الجنوب. ومع ذلك، تبقى هذه الفرضية بعيدة المنال في ظل الظروف الحالية.
الهدنة: خيار هشّ وبعيد كلّ البعد
وفيما يتعلق بإمكانية وقف إطلاق النار، يعتبر الحلو أن الهدنة، في حال تحقيقها، ستكون هشة للغاية. فالوضع الحالي يشير إلى استمرار الحرب لفترة أطول، مما يعكس تعقيدات المشهد السياسي والعسكري في المنطقة.