لا تزال أصداء الصواريخ التي انطلقت اخيراً من الجنوب نحو مستوطنات الجليل الأعلى، تتردّد في الداخل اللبناني الهش، تحت وطأة الانقسام حول مقاربتها وجدواها.
خلطت الصواريخ «التضامنية» مع المسجد الأقصى الأوراق على طاولة الاحتلال الاسرائيلي كما في العمق اللبناني، حيث ارتفعت اصوات تدافع عنها واخرى تهاجمها.
واياً يكن الموقف من الصواريخ، الّا انّ الواضح انّها شكّلت ترجمة عملية لما يُعرف بـ «ترابط الساحات» في مواجهة تل ابيب، وانّها مذيّلة بتوقيع «المحور» وليس جهة محدّدة.
وتعتبر مصادر فلسطينية قيادية في فصيل أساسي، انّ إطلاق الصواريخ من الجنوب كما من سوريا، اندرج في إطار إيصال رسالة ردع مدروسة إلى العدو الاسرائيلي من قِبل قوى محور المقاومة، بعدما تمادى في الاعتداء على المسجد الأقصى، «وهو فَهم الرسالة التي ادّت غرضها ونجحت في دفعه إلى تخفيف إجراءاته التعسفية ضدّ المصلين في المسجد الأقصى».
وتلفت المصادر، إلى أنّه «لا يجب الانشغال بردّ الفعل الصاروخي وتجاهل الفعل العدواني المتمثل في التصعيد الاسرائيلي الكبير الذي حصل ضد المسجد الأقصى، عبر انتهاك قدسيته والدخول إلى قلبه والاعتداء على المصلّين في داخله بوحشية غير مسبوقة وإخراجهم منه عنوة، وذلك في محاولة لتكريس الإدارة الإسرائيلية له والانتقال من تقسيمه زمانياً إلى تقسيمه مكانياً».
وتشير مصادر الفصيل الفلسطيني، المنخرط في محور المقاومة، إلى انّ «العدو الاسرائيلي تجاوز بما فعله الخط الأحمر. فكان لا بدّ من إيصال رسالة واضحة اليه، باسم المحور، فحواها انّ المسجد الأقصى لا يخصّ الفلسطينيين وحدهم بل كل العرب والمسلمين، وبالتالي فإنّ مسألة الدفاع عنه هي قصة حياة او موت، ومن شأن التمادي في الاعتداء عليه ان يؤدي إلى اندلاع حرب دينية واقليمية».
وتضيف المصادر: «على هذا الأساس، انطلقت الصواريخ من غزة والجنوب اللبناني وسوريا نحو الاراضي المحتلة، وتصاعدت العمليات في الضفة الغربية وغور الأردن، وتحرّكت التظاهرات في اراضي الـ48، بحيث أدرك الاحتلال الاسرائيلي انّ الرسالة جدّية وانّ الجبهات قد تُفتح جميعها دفعة واحدة، وهذا ما استدعى بدوره تدخّل الجانب الأميركي لدى تل أبيب لتفادي انفلات الأمور، لأن ليست لديه مصلحة الآن في وقوع حرب شاملة في المنطقة، بينما هو منشغل بالحرب الاوكرانية وبالهاجس الصيني».
وتشدّد المصادر الفلسطينية المطلعة، على انّه «لم يكن المقصود من الصواريخ لا استهداف لبنان ولا استباحة ارضه ولا انتهاك سيادته ولا تعريض أمنه للخطر ولا الانزلاق إلى مغامرة عبثية، وبالتأكيد لن تكون هناك عودة إلى ما قبل 1982، وليس في الوارد إيجاد «حماس لاند» او ما شابه، بل الأمر كان يتعلق فقط بتوجيه إنذار إلى العدو حتى لا يمعن في انتهاك حرمة المسجد الأقصى».
وتلفت المصادر إلى انّ «ما جرى خلال الايام الاخيرة أثبت جدوى ترابط الساحات وأهمية التنسيق بين جميع أطراف «المحور»، من أجل لجم العدوانية الإسرائيلية»، معتبرة انّ «التدخّل العسكري من قطاع غزة حصراً لنصرة «الأقصى» لا يكفي لوحده، وما أقلق العدو هو تحريك كل الجبهات معاً، لأنّه غير جاهز ليخوض الحرب عليها مجتمعة، وهذا ما يفسّر ردّه الباهت على صواريخ الجنوب ومبادرته الطوعية الى تبرئة «حزب الله» منها».
وتشير المصادر، إلى أنّه «وبمعزل عمّن أطلق الصواريخ من الجنوب، فإنّ المقاومة اللبنانية ليست حرس حدود لإسرائيل، ومن افترض انّ اتفاق الترسيم البحري سيحقّق الأمان والسلام للكيان المحتل اكتشف انّه كان مخطئاً في حساباته».
وتنتهي المصادر الفلسطينية إلى وضع المعادلة الآتية حول المسجد الأقصى برسم الاسرائيلي: إن عدتم ُعدنا..