على الرغم من كل التطمينات التي تلقاها المسؤولون اللبنانيون، كرئيس المجلس النيابي نبيه برّي ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الخارجية والمغتربين عبد الله بوحبيب، من خلال الاتصالات التي قاموا بها مع مسؤولين دوليين، لتفادي اتساع الحرب وتعرّض لبنان للاعتداءات “الاسرائيلية”، وبأنّ الرد “الاسرائيلي”على الصواريخ التي اطلقت على مجدل شمس في الجولان، لن يشمل العاصمة بيروت ومن ضمنها منطقة الضاحية الجنوبية، تفادياً لرد حزب الله الذي هدّد قبل فترة عبر امينه العام السيّد حسن نصرالله بقصف “تل ابيب” و “حيفا” في حال قصفت العاصمة.
لذا أتت عملية الضاحية الجنوبية فجائية، لان التطمينات الاميركية كانت سائدة خلال اليومين الماضيين ، بأنّ الرد” الاسرائيلي” سيكون محصوراً ولن يؤدي الى حرب واسعة، كما نقلت الوسائل الاعلامية ” الاسرائيلية” عن مصدر مقرّب من مجلس الأمن القومي “الإسرائيلي” الذي قال: انّ “إسرائيل” تستعد “لضربة كبيرة ضد حزب الله، لكن في الوقت عينه لن تتجاوز الخط الأحمر، الذي قد يؤدي إلى انزلاق الأمور الى حرب إقليمية أو شاملة”. وتوقع هذا المصدر “ان تستهدف مناطق ومراكز للحزب في العمق اللبناني، مثل صور وصيدا”، مستبعداً “قصف المنشآت الحيوية أو المدن الرئيسية كبيروت”، فيما الحقيقة جاءت مغايرة.
وتقول مصادر سياسية متابعة ان ما جرى في منطقة حارة حريك مساء الثلاثاء، من رد عنيف عبر اغتيال القيادي في حزب الله فؤاد شكر، وبعد ساعات اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنيّة في طهران ، بأنه نسف كبير لأي محاولة لإبعاد الحرب الواسعة، ولأي ايجابية في المفاوضات مع حركة حماس، والتي كانت ستؤدي الى حل سينسحب على الجنوب اللبناني، لكن كل ما يمكن قوله ان كل هذا نسف اي مبادرة، وبالتالي باتت الامور معقدة اكثر بكثير، لانّ العمليتين ساهمتا في فتح الباب امام واقع امني خطر جداً، أطلق العنان للمخاطر والهواجس من الايام المرتقبة، والتي ستكون قاسية جداً وفق أوساط حزب الله، والتي قد تحمل معها تصعيداً واسع النطاق في حال استمر العدوان الاسرائيلي متنقلاً من مكان الى آخر، الامر الذي ينذر بحرب مفتوحة لا يعرف احد مداها الزمني.
هذه الصورة السوداء اكدت مدى هشاشة الاتصالات الديبلوماسية الدولية، والوعود الفارغة لتفادي التصعيد، فيما كانت الموافقة على الرد ” الاسرائيلي” من تحت الطاولة الاميركية، خصوصاً انّ “اسرائيل” لا تقوم بأي عملية من دون الموافقة الاميركية.
وفي السياق، تقول المعلومات أنّ اجتماعاً عقد خلال الساعات القليلة الماضية، بعيداً عن الاضواء ووسائل الاعلام، بين ممثلين عن حزب الله وحركة حماس والجماعة الاسلامية والجبهة الشعبية خارج العاصمة بيروت وفي منطقة بعيدة، لبحث آخر المستجدات الامنية وكيفية الرد على العمليتين، وافيد بأنّ الاجتماع برز كغرفة عمليات عسكرية، جرى خلالها دراسة توقيت الرد والطريقة وكل تبعاتها، وافيد بانها لن تكون قريبة جداً، بل ستشكل مفاجآة.
في غضون ذلك، وضمن رأي مختلف نوعاً ما، ثمة مراقبون سياسيون يشيرون الى انّ اتساع الحرب غير وارد، ويذكّرون بأنّ عملية اغتيال القيادي في حركة حماس صالح العاروري ورفيقيه في الضاحية الجنوبية لبيروت قبل حوالى سبعة اشهر، لم تؤد الى توسعة الاشتباكات لتشمل كل لبنان، او تتحول الى نطاق كبير كما يرى البعض اليوم، بل الى تكثيف القصف والعمليات على شمال “اسرائيل”، ولم تخرج عن نطاق المواجهات العسكرية بين الطرفين، مما يعني انّ هنالك ضربات موجعة من حزب الله وحماس ، لكن محدودة ولن تتخطى الابعاد، معتبرين أنّ قرار الحرب موجود لدى الاميركيين والايرانيين فقط، ولا نعتقد انهما بصدد إيقاع المحظور في المنطقة، وبالتالي فالحركة الديبلوماسية ستعود خلال الايام القليلة االمقبلة.
ويشير المراقبون الى انه بعد الرد العنيف من قبل الحزب وحماس، ستتساوى الامور من ناحية التعادل في الرد، لكن لا بد من انتظار بعض الوقت لمعرفة ما سيجري والى أين ستتطور الامور، لانّ ذلك سيؤثر كثيراً في الوضع من كل النواحي، مع عدم استبعاد المراقبين احتمال سقوط الورقة الديبلوماسية، وتفلت الوضع في الجنوب اللبناني واتساعه نحو البقاع وبيروت، ما يفتح الابواب لدخول أطراف اخرى ضمن المعركة.
لذا، يضيف المراقبون ان الايام كفيلة اما بانزلاق الوضع نحو الهاوية، او بالردع ووضع حدّ للهواجس والاكتفاء برد مناسب ومحدود من قبل حزب الله وحماس، لافتين الى وجود مخاوف من استهداف “اسرائيلي” للمنشآت اللبنانية كمطار بيروت، الامر الذي ينذر بعواقب وخيمة ويحقق أهداف” اسرائيل”، ليختم المراقبون بأنّ تحذير الدول الغربية والعربية لرعاياها بمغادرة لبنان على الفور ليس من عدم، لذا يجب توخي الاعظم لانّ لبنان كبلد منهار من كل النواحي لم يعد قادراً على الاحتمال.