أرخت وقائع تقدم الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب على منافسه الرئيس الحالي جو بايدن في السباق للرئاسة الى البيت الابيض، إن كان من خلال تفوقه عليه في المناظرة التلفزيونية الاولى بفارق كبير، ومانتج عنها من ارباكات وتخبط في اوساط الحزب الديموقراطي وتصاعد الدعوات لاستبداله بمرشح آخر، اوفي التعاطف الواسع ألذي حظي به ترامب بعد محاولة اغتياله الفاشلة، بظلالها على مسرح السياسة العالمية، ومن ضمنها المواجهة العسكرية المتواصلة بين حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلي على الحدود الجنوبية اللبنانية والمناطق المتقابلة من الجهة الاخرى، انطلاقا من تحالف الولايات المتحدة الأمريكية الوثيق مع إسرائيل، وارتباط الحزب بايران، وباتت تتطلب اعادة النظر ومقاربة مختلقة في الصراع الدائر، بعدما لوحظ انها اصبحت موضع استقواء غير معلن من قبل رئيس الحكومة الإسرائيلية المحبذ لوصول ترامب للرئاسة، كما هو معلوم للقاصي والداني معا، بينما باتت من جهة ثانية تطرح جملة هواجس لدى الحزب، والخشية من تبدل في تعاطي الادارة الاميركية الجديدة بنهج متطرف وتصعيدي يمثل ترامب في حال فوزه بالرئاسة المقبلة، بعدما أقدم خلال ولايته السابقة على تقديم حوافز نوعية لإسرائيل، منها الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة للدولة العبرية، ونقل مقر السفارة الأمريكية من تل ابيب اليها، والتشدد بالتعاطي مع النظام الايراني، بنسف الاتفاق النووي الذي انجزه سلفه الديموقراطي باراك أوباما مع إيران في العام٢٠١٥، واعطاء الموافقة على اغتيال قائد الحرس الثوري الايراني قاسم سليماني في بغداد بنهاية ولايته، ما ينعكس ضعفا في موقف الحزب التفاوضي وارغامه على تقديم تنازلات لغير مصلحة تواجده ونفوذه جنوبا.
ولذلك، تشير الاوساط الديبلوماسية الى احتمال تحسب حزب الله الاستباقي، لوصول ترامب للرئاسة المقبلة، وإن كان هذا الاستنتاج ما يزال مبكرا حتى موعد اجراء الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأميركية في تشرين الثاني المقبل، وقد تحصل مفاجآت ليست بالحسبان.ولكن استنادا الى الوقائع المتوفرة اليوم، لا تستبعد الاوساط ان تتسارع الاتصالات والمشاورات الديبلوماسية وراء الكواليس، وبدون ضجيج وصخب اعلامي، لتذليل ما تبقى من اعتراضات وعقبات على مسودة اتفاق الإطار، التي سعى إليها الوسيط الاميركي اموس هوكشتاين في حراكه خلال الجولات الماضية بين بيروت وتل ابيب، وحققت تقدما،واصبحت شبه منجزة، بينما أدى تأخير الإعلان عنها انتظار وقف حرب غزة، بعدما كان متوقعا في وقت قريب خلافا لكل التوقعات.
وفي تقدير الاوساط الدبلوماسية، فإن تسريع التوصل إلى ان انجاز اتفاق لانهاء الاشتباكات وارساء الامن والاستقرار جنوبا في الوقت الحاضر، وبمعزل عن انتهاء حرب غزّة، التي قد تمتد لوقت أطول، وقد تستمر لحين اجراء الانتخابات الرئاسية الاميركية، في ضوء المماطلة المكشوفة لنتنياهو للتوصل الى الاتفاق المطلوب، يبقى خيارا متقدما في الوقت الحاضر، وقد يكون لمصلحة الحزب ولبنان، واقل مخاطرة من تركه لوصول ترامب المرجح للرئاسة الأميركية المقبلة، وتحمل مخاطر امكانية حصول عملية عسكرية اسرائيلية واسعة النطاق، بدعم من الإدارة الاميركية الجديدة، وإن كانت هناك صعوبات ومحاذير مرتبطة بالصراع الاقليمي والمفاوضات الجارية بين واشنطن وطهران تحوول حاليا دون إتمام اتفاق التهدئة جنوبا حتى اليوم.