تتدحرج «حرب الجنوب» الى أن تصبح انفجاراً كبيراً يشمل الأراضي اللبنانية كلها. هذه حقيقة صارخة لم يعد معقولاً تجاهلها أمام جنون نتانياهو وعصابته في «كابينت الحرب» التي يزايد رئيسها وأعضاؤها بعضهم على البعض الآخر في مَن هو، بينهم، الأكثر تعطشاً الى الدماء، في وقت يبدو بنيامين نتانياهو الأكثر شهوةً كلّما لاحت في الأفق بوادر الاقتراب من هدنة مطوّلة في قطاع غزة، قد تتناسل هدنات إذا صحّ ما يعلنه الجانب الأميركي في اللجنة الرباعية (واشنطن وباريس والقاهرة والدوحة) التي تتولّى البحث في «هدنة رمضان» المرشّحة، اذا تم التوصل إليها، للاستمرار ستة أسابيع قابلة للتمديد مراراً الى أن تنتهي بهدنة دائمة. والواضح أن «بيبي» يعتبر نفسه أكثر المتضررين من الهدنة ولا سيما من وضع الحرب أوزارها، لأن هكذا تطوّراً من شأنه أن يُعيد فتح ملفاته (في الفساد، ومن ثمّ في المسؤولية الحكومية عن نكسة السابع من تشرين الأول الماضي في غلاف غزة).
من هنا يسعى نتانياهو الى توسيع الحرب في شمال فلسطين المحتلة من حرب أرادها حزب الله للإسناد والمشاغلة في الجنوب، على جانبَي الحدود، وضمن «قواعد الاشتباك»، الى حرب عدوانية كبيرة على لبنان، وهو الذي قال قبل يومين بارمة لسانه إن الهدنة، إذا حصلت، في غزة لن تمنعه من مواصلة مطاردة مواقع حزب الله في لبنان وخارجه، على أملٍ ورغبة منه في تحقيق نوعٍ ما من الانتصار في لبنان وهو الذي عجز عن تحقيق أيٍّ من أهداف الحرب الهمجية على غزة، باستثناء المجازر الهائلة والدمار غير المسبوق. وفيما تتواتر المعلومات المتقاطعة عند الخلاف، أو أقله الاختلاف في وجهات النظر، بين أطراف «الرباعية»، وتحديداً بين العضوين العربيين فيها، حول مصير حماس في ما يُعرَف بِـ «اليوم التالي»، يبقى لبنان في «بوز المدفع»، مع التحذيرات العربية والإقليمية والدولية من مخاطر توسيع دائرة الحرب على هذا البلد المنكوب العاجزة حكومته عن أدنى الأدنى، وبالذات عن تدبّر مستحقات الموظفين إلّا بشق النفس وبسرقة المواطنين وإفراغ جيوبهم وإثقال كواهلهم بالضرائب والرسوم الجائرة، فكيف ستكون الحال مع نشوب حرب مدمّرة؟!.
ويبقى أن نستعيد سؤالاً نشرناه قبل أيّام: إذا أُقرّت الهدنة في غزة ورفض العدو تعميمها على لبنان، فهل ستبادر حماس الى رد التحية لحزب الله بنوعٍ من «حرب الإسناد والمشاغلة»؟