Site icon IMLebanon

لماذا يثق حزب الله “بجهوزيّته” للحرب الشاملة؟ المقاومة كشفت نقاط ضعف الجيش “الإسرائيلي”: السماء مفتوحة بعد فك “شيفرة” الدفاعات الجويّة 

 

جنرالات الاحتياط يحذرون من هزيمة وجوديّة…

“واليوم الموعود” خطة جاهزة للتنفيذ !

 

ليس تفصيلا صغيرا تكرار مسؤولي حزب الله ، وفي مقدمتهم الامين العام السيد حسن نصرالله، ان المقاومة لا تريد الحرب الشاملة، لكنها على “جهوزية” تامة لخوض غمارها اذا قامت “اسرائيل” بتوسيع الحرب على لبنان. وكلمة “الجهوزية” مختارة بعناية شديدة، ولم ترد في معرض المعنى المجازي للكلمة، وانما تعبير ذات خلفية عسكرية وامنية ولوجستية جرى اختبارها على مدى 8 اشهر من المواجهات القاسية مع العدو، كشفت عن ثُغر هائلة تشير بوضوح انه لا يملك “الجهوزية” العسكرية اللازمة، لخوض مواجهة مفتوحة مع “عدو” تتجاوز قدراته عشرات الاضعاف ما تملكه حركة حماس في غزة، التي غرق في وحلها دون ان يتمكن من تحقيق “النصرالمطلق”.

 

ولهذا يبدو حزب الله متيقنا انه سيخوض حربا ستغير فعلا وجه المنطقة، اذا ارتكب “كابينت” الحرب الخطيئة هذه المرة. هل يعني ما تقدم ان الحرب على “الابواب”؟ وهل ثقة حزب الله تكمن في مفاجآته؟ ام بسبب ضعف بنيوي لدى جيش الاحتلال؟

 

الامران معا، تقول مصادر مقربة من حزب الله، وهي لا تستبعد ان ترتكب قيادة الاحتلال حماقة جديدة ناتجة من سوء تقدير على الجبهة الجنوبية، لكن على “الورقة والقلم” لا يمكن لعاقل ان يتخذ قرارا مماثلا في هذا التوقيت، ولهذا فان الاكثر ترجيحا حصول تصعيد لا يصل الى حد خوض الحرب الشاملة. هذا التقدير لا يعود فقط الى المعرفة الحقيقية بنقاط قوة المقاومة التي استخلصت الدروس خلال الاشهر الماضية، فاضافة الى انها لم تستخدم الا نحو 5 في المئة من ترسانتها، الا ان الاهم يبقى النجاح في فك “شيفرة” الدفاعات الجوية “الاسرائيلية”، بحيث اصبحت “اسرائيل” عمليا دون “قبة حديدية”، وباتت مسيرات حزب الله تملك هامشا واسعا للاستطلاع والتصوير وجمع المعلومات، ثم العودة لتنفيذ مهمات هجومية. وهذا يعني حكما ان السماء المفتوحة ستسمح لاحقا لكل انواع الصواريخ الدقيقة بضرب اهدافها، التي قد تبدأ من منصات الغاز في البحر، مرورا ب “تل ابيب”، وصولا الى ديمونا؟

 

هذه الخلاصات لدى “المجلس الجهادي” للمقاومة، ليست لرفع معنويات جمهور المقاومة، وليست مجرد حرب نفسية ضد العدو، فمن راقب ردود الفعل داخل “اسرائيل” بعد مشهد الحرائق في مستوطنات الشمال، يدرك ان ما تقوله المقاومة حقيقة لا اوهام، فبعد دعوة بعض الوزراء والمراقبين “الإسرائيليين” لشن حرب واسعة على حزب الله، واستعادة “إسرائيل” هيبتها وقوة ردعها، خرج جنرالات احتياط للتحذير من ان حرباً في الشمال من الممكن جداً أن تتسع وتصبح حربا إقليمية، وتهدد “إسرائيل” تهديداً وجودياً، ونصحوا بعدم الذهاب الى حرب الجيش “الاسرائيلي” غير المستعد لها، ولا يملك جهوزية خوضها.

 

وفي هذا السياق، رسم من يسمونه في الكيان “جنرال الغضب” يتسحاق بريك، الذي لطالما صدقت قراءاته، صورة مظلمة وكئيبة لـ “اسرائيل” اذا اندلعت حرب شاملة، ووصف الامر بـ “المأساة”، وقال “هي حرب لسنا مستعدين لها، ولكن يمكن أن تحدث بسرعة أكبر كثيراً مما نعتقد، ونحن الآن في خضم حرب تشكل تهديداً وجودياً مباشراً “.

 

ويدلل على هذه الخلاصة بالإشارة إلى ما هو متوقع في مثل هذه الحرب، ويفترض ان حزب الله سيضرب أكثر من 3000 صاروخ ومسيّرة على الجبهة الداخلية وعلى التجمعات السكانية، وسيبذل جهده لضرب البنية التحتية القومية، أي محطات المياه والكهرباء والوقود والغاز والمواصلات والصناعة، بالإضافة إلى معسكرات الجيش في البر والجو البحر، وسيدمر الدولة. ويقول بريك إن تدمير مستوطنات الشمال هو لا شيء مقارنة بالدمار الذي ستسبّبه حربٌ إقليمية شاملة، ومن يتابع الدمار في مستوطنات الشمال، يدرك أنه ليس لدى “إسرائيل” دفاع حقيقي في مواجهة صواريخ وقذائف ومسيّرات حزب الله، وليس لديها ردّ على إطلاق الصواريخ على “إسرائيل” في حرب إقليمية واسعة النطاق في الشرق الأوسط، من سورية وإيران، ومن الميليشيات العراقية الموالية لإيران في العراق وفي اليمن. ويتساءل في هذا السياق “كيف سيتمكن الجيش من القتال على ست جبهات في آن معاً، على الرغم من خسارتنا في حربنا ضد حركة حماس، والتي سببها التآكل الذي طرأ على سلاح البر في العقود الأخيرة”؟

 

ويتوقف بريك عند ضعف “إسرائيل” اليوم، فيقول إنه ليس لدى “إسرائيل” النَفَس الطويل المطلوب في حرب إقليمية شاملة، لوجود نقص شديد في الذخيرة وشتى أنواع السلاح، ونقص لوجستي، وصيانة الجيش جرت خصخصتها وتسلّمتها شركات مدنية، وهي ليست قادرة خلال الحرب على تأمين التزود بالوقود والذخيرة والغذاء والمياه وقِطع الغيار للقوات الحربية. ويقول إن سكان “تل أبيب” الكبرى الذين يعيشون كما لو أن شيئاً لا يحدث، ويواصلون حياتهم الطبيعية ويملؤون المطاعم والمقاهي، ويذكّرونه بركاب سفينة “التايتانيك” وهي في طريقها إلى الاصطدام بجبل الجليد.

 

بدوره، يدعو رئيس القسم الأمني السياسي الأسبق في وزارة الأمن عاموس جلعاد الى ترتيب الأوراق مع لبنان، لان “إسرائيل” غير ناضجة أو جاهزة الآن لدخول الحرب كبيرة ضد حزب الله. هذا الكلام يؤيده محلل الشؤون الاستخباراتية “الإسرائيلي” يوسي ميلمان، الذي نبه الى أن التصعيد مع حزب الله سيفضي الى حرب شاملة خطرة؟!

 

هذا غيض من فيض ما يقال ويكتب في “اسرائيل”، ولعل السخرية من اجتماع مجلس الحرب ليلة أمس الاول، الذي عقد للبحث في التصعيد مقابل حزب الله، دليل جديد على حالة انعدام الثقة والخيارات، حيث اكد اكثر من محلل “اسرائيلي” انه من غير المستبعد أن يكون اجتماع مجلس الحرب هو هدفا بحد ذاته، من أجل إرسال رسالة “للإسرائيليين” بأن القيادة تفعل شيئاً ما، لكن “إسرائيل” لا تبدو راغبة وقادرة على خوض حرب مع حزب الله الآن.

 

الخلاصة، اختصرتها صحيفة “يديعوت احرنوت” بالاشارة الى ان ثمة طريقا واحدة للخروج من هذا المستنقع، أن نقول” نعم لمبادرة بايدن، المشكوك أنها مبادرة نتنياهو، التي ستؤدي إلى هدوء إقليمي أيضاً. هذا لن يؤدي إلى “النصر المطلق”، لكنه الطريق الوحيد لإنقاذ “إسرائيل” من هزيمة مطلقة”…

 

انها الهزيمة التي يعد بها حزب الله كيان الاحتلال، وهو ما عبّر عنه السيد نصرالله بالقول بانها “ستكون حربا بلا سقوف”، اي اننا سنكون امام سيناريو “اليوم الموعود”، وهي خطة الحرب الكبرى الموضوعة في الادراج والجاهزة للتنفيذ…!