Site icon IMLebanon

الانتظار الثقيل

 

 

طوال الصراع مع الصهاينة، على امتداد نحو خمس وسبعين سنة، منذ العام 1948 وحتى اليوم، لم تعش المنطقة، بما فيها لبنان بالتأكيد، حبْساً للأنفاس، كما تعيشه اليوم. فبالرغم من الحروب المعلومة، والأحداث الجسام التي عُرِفت طوال ثلاثة أرباع القرن، لم تكن اللحظة حاسمة كما هي في هذه الأيام بالتحديد، لاسيما بعد جريمتَي اغتيال الشهيدين فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية وإسماعيل هنية في طهران، ودخول العالم كله وليس لبنان والمنطقة وحسب، في دوّامة السؤال الكبير ومتفرعاته: هل سترد المقاومة في لبنان؟ ومتى؟ هل سترد إيران؟ ومتى؟ هل تشارك سائر أطياف الممانعة في الرد؟ ومتى؟ هل يتفرد حزب الله في الرد؟ وكيف سيكون الرد؟ محدوداً يكون ومضبوطاً أو يكون مدخلاً الى الحرب الشاملة؟ الى ما هنالك من الأسئلة التي يطرحها آخر مواطن في آخر دسكرة من لبنان كما يطرحها رؤساء مجالس إدارات كبريات شركات الطيران في العالم الذين باتت مرحلة تغيير مواعيد الرحلات (الى لبنان ومنه والى فلسطين المحتلة ومنها) عنواناً لهذه المرحلة جرّاء الغموض والإرباك. وهي تدابير تقبل عليها شركات الطيران ووكالات السياحة العالمية بوتيرة متحركة وسريعة تستند الى معلومة من هنا وتصريح من هناك وتقرير من هنالك. وفي هذا السياق أقدمت، أمس بالذات، عشرات شركات الطيران العالمية على إعلان تعليق (وليس فقط تعديل مواعيد) رحلاتها الى مطار تل أبيب مع شمول هذا التدبير رحلات بعضها الى بيروت، وهي شركات معظمها أوروبي فهي بريطانية وفرنسية وإسبانية وإيطالية وبولندية وألمانية ودنماركية ونمساوية الخ.

 

… وكان أبلغها تدبيراً ذلك الذي اتخذته شركة بريطانية إذ علقت رحلاتها الى تل أبيب نحو تسعة أشهر (حتى الثلاثين من شهر آذار من العام 2025 المقبل)، وهو بمثابة الإشارة منها الى أن الحرب في المنطقة طويلة.

 

في هذا الوقت يتواصل تبادل القصف بين حزب الله والعدو على نطاق واسع متدرّج وصفته وسائط إعلام العدو بأنه «المنحى غير المسبوق» منذ الثامن من تشرين الأول السابق. كما يتزامن مع صعوبة الموقف الذي وصلت إليه مساعي واشنطن والقاهرة والدوحة في مفاوضات وقف إطلاق النار أمام تعنت بنيامين نتنياهو الذي باتت لعبته والأميركي مفضوحة بالرغم من تمويه واهٍ في تصريحات جو بايدن ووزير خارجيته أنطوني بلينكن المزروكَين بين مطرقة اللوبي الصهيوني وسندان الاحتجاجات غير المسبوقة في الرأي العام الأميركي على تغطية البيت الأبيض فظائع إسرائيل ووحشيتها في عدوانها الهمجي على غزة وأهلها الأبرياء.