لا حلول في الأفق للحرب الإسرائيلية على لبنان التي تبدو طويلة.
الأهداف التي وضعها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لم تتحقق وأخفضها سقفا ما هو معلن بعودة سكان الشمال، اي ايقاف جبهة الإسناد التي فتحها “حزب الله” قبل نيف وعام من اليوم، أما اعلاها فتغيير استراتيجي يقوم على حساب “حزب الله” ومحوره كاملا ترتيبا لليوم التالي بعد الحرب..
الأمر طبعا مرهون بالميدان بعد الغباء الإسرائيلي في محاولة التوغل برا لجس النبض على طريق الغزو، في الوقت الذي لم يتحقق فيه الأمن الإسرائيلي في الشمال، بل وصل الأمر إلى مناطق كبرى في الوسط بما هو أسوأ للإسرائيليين مما قبل مرحلتهم الحالية من العدوان.
لكن هذا لا يبدو سيدفع نتنياهو إلى ايقاف عدوانه بل هو ماض في مخططه الاستراتيجي اذا امكنه ذلك، او الاكتفاء بما هو معلن في حال لم يتمكن سوى من التدمير والقتل من دون انجاز فعليّ.
على صعيد آفاق ما يحدث، لا تبالغ أوساط ديبلوماسية عربية في التشاؤم من مآلات الحرب وسيناريوهاتها، بينما تقر بأن لا تسوية قريبة اقله خلال العام الحالي.
تتوقف عند سياسة الارض المحروقة التي تمارسها اسرائيل للتعويض عن الفشل في تحقيق الاهداف التي يتبادل القادة الاسرائيليون التعبير عنها. ضمن ذلك يأتي ما يريده رئيس “الموساد”، دايفيد بارنيا، بربط الضغط الحالي في لبنان لإطلاق الرهائن في غزة. وهو ربط للساحات من قبل اسرائيل هذه المرة.
من ناحيته لم يصرح نتنياهو علنا بذلك ولم يضع اهدافا كبرى من مغامرته اللبنانية لكي يحافظ على اي إنجاز مستقبلي امام الجمهور الإسرائيلي الذي يبدو اكثر تسامحا اليوم مع خسائره البشرية على صعيد الجيش لشدة وقع مشهد اليوم الاول من “طوفان الاقصى” عليه.
في كل الاحوال احدث العدوان البري توازنا الى حد ما في المعركة التي كان “حزب الله” يستعد لها وبات اكثر شراسة اليوم بعد فقدان أمينه العام السيد حسن نصر الله، وفي البر ثمة صلاحيات ولامركزية واستعداد وارض وشعب، وككل حركات المقاومة الجدية يُهزم الجيش المعادي في حرب عصابات ولو تسيّد في الجو..
المعركة طويلة ومعها المعركة الديبلوماسية التي لم تبدأ بعد، ولبنان تدرج في التصعيد الديبلوماسي ويستدر العطف الدولي مع الوقت. وحسب الأوساط القارئة للموقف الاميركي، فهو عاجز في مرحلته الانتقالية حتى الانتخابات في الخامس من الشهر المقبل عن التدخل اكثر من جهوده التي اثمرت عن منع تجويع لبنان وضربه بقوة اكثر ايلاما او تورط اسرائيل في حرب اقليمية لا تريدها واشنطن كما ايران بالتأكيد.
أما عن كيفية الحل، فيرى هؤلاء بأن ثمة رهان على سقوط نتنياهو في الداخل عبر حراك داخلي سيتمظهر بعد اشهر بعد فشل اهدافه في الشمال كما فشلت في الجنوب.
واذا كان نتنياهو مرتاحا في الوقت الذي يمر فيه الرئيس الاميركي جو بايدن في اضعف مراحله تجاهه (وهو لم يتمتع بالسطوة على نتنياهو اصلا)، فإن الادارة الاميركية المقبلة، لا سيما اذا كانت ديموقراطية، ستطلب وقف الحرب على لبنان مع تسلمها ادارة البلاد وهذا اتفاق غير معلن بين الاميركيين والاسرائيليين.
طبعا تؤيد الولايات المتحدة الأميركية ضرب “حزب الله” وتثني على “الإنجازات” الإسرائيلية، لكنها ترى بأن الذهاب بعيدا في ضرب الحزب سيقويه عند شرائح خارج بيئته، كما ان ذلك سيؤدي الى فوضى يستفيد منها “حزب الله” داخليا وهو الذي يقوم على اقتصاد مواز وتساهم بيئته بثلث الاقتصاد اللبناني او نحو ذلك ويمكنه عبر تنظيمه الاستفادة من اية حال فوضى لبنانية عسكرية وامنية واجتماعية.
على أن “حزب الله” بات اكثر مرونة بالنسبة الى موضوع وحدة الساحات، وايران كذلك. ويشكل اشتراط وقف اطلاق النار قبل البحث بأي أمر، يتعلق بالحرب او بالداخل اللبناني مثل الرئاسة، مفتاح انهاء الحرب جنوبا علما ان ذلك يتعلق بالميدان اولا وبالوقت ثانيا وبالضغط الدولي الأميركي تحديدا على اسرائيل ثالثا.
أما نتنياهو المنتشي فهو لا يقبل الحلول اليوم ويعتقد أنه في موقف قوة، وسيتطلب الأمر زمنا وإخراجا أمميا سواء على صعيد القرار 1701 أو غيره، لكي يقتنع بفشل أهدافه وبالتالي لكي يتبلور الحل. والاعتقاد السائد أن لبنان مهما كان مهما بالنسبة له، فإن غزة والضفة الغربية هما الأولويتان له، لذلك فقد يرضى بأنصاف الحلول على جبهته الشمالية.