استوقفني كلامٌ للكاتب الإسرائيلي الشهير جدعون ليفي تعقيباً على مسلسل الاغتيالات التي ينفذها العدو الإسرائيلي إن في لبنان أو في غزة أو خارجهما، (وآخرها اغتيال الشهيد يحيى السنوار) وأيضاً لهذه الحرب الوحشية على القطاع وعلى وطننا، والتي قد لا يكون لها مثيل في مختلف حقب التاريخ بلاأخلاقيتها وبُعدِها عن قوانين الحروب والمفاهيم الإنسانية عامة.
فقد كتب ليفي يقول: «لقد اعتدنا، في إسرائيل، على الاحتفال بقتل هذا القائد الفلسطيني أو ذاك، لكننا نكتشف دائماً، في آخر النهار، أننا عدنا الى المربع الأول ولم نحقق شيئاً، لأن الحل لا يكمن أبداً في قتل القادة الفلسطينيين، بل في إيجاد الحلول لمشكلةٍ نحن المتسببون بها. يحيى السنوار لم يكن أبداً عائقاً أمام الحلّ والسلام، بل العقبة الرئيسة هي في الاحتلال والحصار والتعنت الإسرائيلي». (انتهى الاقتباس).
وبالفعل فإن هذا الكلام العقلاني يضع الإصبع على الجرح، وفي كلمات قليلة يحدّد الأصل الدافع لهذه المأساة المستمرة التي مرّ عليها نحوٌ أكثر من ثلاثة أرباع قرن وليس ثمة دوافع الى أنها ستنتهي فصولاً مؤلمة، والعكس صحيح فالمؤشرات كلها تتقاطع مع الوقائع لتُنذر بأنها ستمتد طويلاً ما دام «التعنت» الذي أشار إليه الكاتب، يبقى صفة ملازمة لقيادات العدو، وفي مقدمهم بنيامين نتنياهو.
وعليه يطرح السؤال ذاته: هل أدت الاغتيالات المتواصلة، في صفوف قيادات حزب الله، وفي الطليعة الشهيد الكبير سماحة السيد حسن نصرالله، الى التخفيف من سعير لهيب الجبهة مع لبنان؟ أوليس أن العكس هو الصحيح، لا سيما في ضوء المستجدات في الميدان، بما فيها من تصعيد فاعلية المقاومة ضد العدو؟!.
وعلى صعيد مماثل، أوليس أن المقاومة التي تقودها حماس في غزة قد تعاظمت، في الأيام الأخيرة التي أعقبت اغتيال يحيى السنوار ولو من خلال حرب العصابات، وبالوسائل شبه البدائية التي يواجه بها المقاومون آلة الحرب العدوة المدعومة بأحدث إنتاجات التكنولوجيا والذكاء الصناعي؟!.
وأيضاً يمكن الكلام على ما يقوم به المقاومون العُزّل ضد جنود العدو في مختلف أنحاء الضفة الغربية!
طبعاً، هذه وقائع ظاهرة للعيان وليست في حاجة الى مَن يفلسفها ويسفسط حولها، وأهميتها في بساطتها التي تفوق الاجتهادات والتحليلات وخبرة «الخبراء» المزعومين، وما أكثرهم في هذه الأيام السوداء. إلّا أن هذه الحقيقة البسيطة تصبح واقعاً بالغ التعقيد عندما يكون على رأس حكومة الاحتلال في فلسطين المحتلة أمثال نتنياهو، وتكون المعركة الرئاسية في الولايات المتحدة الأميركية تُدار بين المرشّحَين حول أيهما سيخدم العدو الإسرائيلي أكثر من الاخر!