IMLebanon

بعدما أحكمت صواريخ «الحزب» قبضتها على كامل الكيان الغاصب.. إسرائيل أرغمت على سلوك التسوية لعجزها عن تحقيق أهداف العدوان

 

 

لم يحصل المسؤولون اللبنانيون على أي تصور مكتوب لتسوية توقف العدوان الإسرائيلي المتمادي على لبنان، خلافاً لما يتم ترويجه عبر وسائل الإعلام الإسرائيلية والأميركية، في وقت واصل وسع العدو اعتداءاته على مناطق الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت. وهو أمر تزامن مع إعلان الاحتلال عن بدء المرحلة الثانية من عملياته البرية ضد لبنان، سعياً منه لزيادة وتيرة الضغوطات الميدانية على «حزب لله»، من أجل دفعه للقبول بالشروط الإسرائيلية لوقف النار. وهذا ما لا يمكن أن تقبل به المقاومة التي باتت في وضع أفضل بكثير من بداية العدوان على لبنان، وبما يمكنها من التصدي لأي محاولة تقدم بري من جانب الاحتلال الذي عجز حتى الآن عن احتلال أي قرية على طول الخط الأزرق. وقد أكدت المقاومة أن وقائع الميدان هي من ستحدد وقف إطلاق النار، وليس عبر المفاوضات السياسية التي يريد منها الاحتلال فرض شروطه على اللبنانيين، بعدما أيقن أن المجريات على الأرض لا تصب في مصلحته، بعد الخسائر الجسيمة التي لحقت به من جانب رجال المقاومة في العديد من البلدات المتاخمة للخط الأزرق. ما دفعه إلى ولوج طريق التسوية، كونه يدرك أنه لا يمكنه تحقيق أهدافه العسكرية التي أعلن عنها، بدليل قدرة «حزب لله» على إطلاق مئات الصواريخ التي طالت عمق الكيان الغاصب.

ويسود اعتقاد لدى القيادة الإسرائيلية، نقلاً عن أجواء دبلوماسية، أن هناك صعوبات تحول دون تحقيق كل أهداف الحرب، بعدما تجاوزت المواجهات كل الخطوط الحمراء، وبحيث أن صواريخ «الحزب؛ قد أحكمت قبضتها على كامل منطقة الشمال، وصولًا إلى العمق الإسرائيلي، ما أدى إلى تهجير أكثر من مليوني إسرائيلي، عدا عن جميع سكان المستوطنات الشمالية. وبالتالي فإن هناك أصواتاً بدأت تتعالى داخل إسرائيل، بسلوك طريق التسوية مع لبنان، لتأمين عودة هؤلاء. وإن كان هناك من يدفع داخل الحكومة الإسرائيلية لمزيد من التصعيد ضد لبنان، بهدف شل قدرات «حزب لله» كلياً، ومنعه من أن يشكل تهديداً جدياً لإسرائيل في المستقبل. وهذا ما يتعارض مع مجريات الميدان التي تؤكد أن «الحزب» لا زال قادراً على تهديد إسرائيل جدياً، رغم الضربات المؤلمة التي لحقت به.

 

وإذ نفت مصادر وزارية علمها بأي زيارة للمبعوث الأميركي آموس هوكشتاين إلى بيروت، للبحث في بنود تسوية تحدثت عنها وسائل إعلامية إسرائيلية وأميركية، فقد علم أن من أبرز هذه البنود، «الاعتراف بأهمية القرار 1701 الصادر عن الأمم المتحدة، ومنح كل من لبنان وإسرائيل حق الدفاع عن النفس عند الضرورة». وهناك أيضًا «تمكين الجيش اللبناني من بسط سيطرته كقوة مسلحة وحيدة في المنطقة الجنوبية، باستثناء قوات اليونيفيل، وفرض الحكومة اللبنانية سيطرة صارمة على بيع وإنتاج الأسلحة». كما تتضمن البنود «منح السلطات اللبنانية كافة الصلاحيات اللازمة لضمان تنفيذ القرار، ومراقبة المعابر الحدودية لمنع تهريب الأسلحة، وتفكيك المنشآت غير المرخصة لتصنيع الأسلحة». وتشمل البنود كذلك «انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوبي لبنان خلال 7 أيام من توقيع الاتفاق، وتولي الجيش اللبناني إدارة المنطقة، تحت إشراف الولايات المتحدة ودولة أخرى». لكن يبدو من خلال التسريبات المتداولة، أن لبنان لا يقبل بأن تعطى إسرائيل حرية التدخل العسكري في لبنان، في حال لم يتم الالتزام ببنود هذه التسوية التي ذكر أن هوكشتاين قد يزور بيروت، للحصول على موافقة لبنان عليها. وقد أكد هوكشتاين وجود «فرصة» للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان قريباً، مبدياً تفاؤله بتحقيق هذا الأمر. وأشارت المصادر الوزارية، أن لبنان ملتزم تطبيق القرار 1701 بكافة بنوده، وفي مقدمها نشر الجيش اللبناني في منطقة جنوب الليطاني، وكذلك التعهد بأن يكون الجيش اللبناني وحده القوى العسكرية الموجودة، إلى جانب قوات «يونيفيل».

 

وإذ كشفت المصادر الوزارية أن زيارة وزير خارجية مصر بدر عبد العاطي لبيروت، حملت معها الكثير من رسائل الدعم والتأييد للموقف اللبناني، فإنها أشارت إلى أن سبل التوصل إلى توافق على انتخاب رئيس للجمهورية، كانت في صلب محادثات الوزير المصري مع المسؤولين الذين التقاهم. وقد أكد عبد العاطي بعد اللقاء على ضرورة وقف إطلاق النار في لبنان، مشدداً على أن مصر لن تتوانى عن دعم لبنان، وأنه لا يمكن إقصاء أي طائفة من لبنان، فيما أشارت أوساط «الخماسية»، إلى أن أكثر من سبعين في المائة من اللبنانيين، يريدون انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت، لأنهم يعتبرون أن إنجاز الاستحقاق الرئاسي، هو المدخل لإنقاذ لبنان. وهذا ما يدفع إلى القول، إنه ربما تكون هناك لحظة إقليمية مناسبة، قد تفضي إلى الإسراع في انتخاب الرئيس العتيد، بعد التطورات الأخيرة التي باتت تستلزم إنهاء الشغور في أسرع وقت. لكن تبقى الكرة في ملعب «الثنائي»، وفقاً لقراءة المعارضة، «والذي عليه أن يكف عن شروطه، ويضع مصلحة اللبنانيين فوق أي اعتبار».

 

وفي حين تستعجل قيادات سياسية موضوع التمديد ثانية لقادة الأجهزة العسكرية والأمنية، تفادياً لأي شغور محتمل، وتحديداً في موقع قيادة الجيش، فإن اتصالات جدية بدأت، سعياً لحصول هذا الأمر حرصاً على دور الجيش في هذه الظروف الدقيقة، ومن أجل تحصين الوضع الأمني، في مواجهة ما ينتظره لبنان من استحقاقات، في ظل الحرب الإسرائيلية التي تستهدفه، واحتمالات التصعيد في الإقليم. لكن يبدو أن هناك أطرافاً سياسية، بدأت تحاول سلوك طريق العرقلة، بوضع عقبات أمام التمديد لقائد الجيش، واضعة مصالحها وحساباتها الرئاسية قبل مصلحة البلد وشعبه. في حين أن بكركي دخلت بقوة على هذا الخط، لناحية التشديد على منع الفراغ على رأس المؤسسة العسكرية، كونها ترفض أن تلقى مصير رئاسة الجمهورية. عدا عن أن المجتمع الدولي بعث برسائل إلى المعنيين في لبنان، بأنه ممنوع أن يكون هناك شغور في موقع قيادة الجيش، لأن وضع لبنان لا يحتمل مضاعفات أي شغور على رأس القيادة العسكرية.

ومع غياب المؤشرات بقرب إيجاد حل للمأزق الرئاسي العالق، اعتبرت مصادر المعارضة أن المواقف الأخيرة للبطريرك بشارة الراعي، موجهة للفريق الذي يعطل الانتخابات الرئاسية, مشددة على أن «الثنائي» ورغم أنه يدرك تماماً، أن باب الحل للأزمة الرئاسية، لن يكون إلا بالتوجه نحو الخيار الثالث، لازال مصراً على مواقفه، دون الأخذ بعين الاعتبار لمصالح البلد والناس. بعدما برز بوضوح ونتيجة جهود «الخماسية»، أن المرشح التوافقي بات الأكثر ترجيحاً، وهذا ما باتت جميع الأطراف اللبنانية على قناعة به. وأشارت إلى أن استمرار ربط الملف الرئاسي بتطورات المنطقة، أمر لا يفيد اللبنانيين ولا بد من اقتناص الفرصة، من أجل التوافق على إجراء الانتخابات في وقت قريب، وتالياً طي صفحة الشغور الرئاسي الذي بات يشكل عبئاً ثقيلاً على كاهل اللبنانيين.