IMLebanon

في انتظار “ساحر الترسيم”

 

لم نكن في أحسن حال حين بدأ «حزب الله» حرب «المشاغلة» نصرة لغزة، لكننا بعدما أمضينا ثلاثة أشهر في مسلسل «قواعد الاشتباك» و«الحسابات المضبوطة» صِرنا في مكان يُخشى معه «فلَتان الملَق»، ويحتاج الى «ساحر» يُخرج من كُمِّه المَصلَ المُضاد لسُمِّيَّة الاستحقاقات.

 

مهما قيل عن بذل الولايات المتحدة وِسعها لمنع توسّع حربِِ لا يريدها «الحزب» وتخشاها إسرائيل، فإنه لا ضمان ألّا يؤدي اللعب بالنار الى اشتعال المسرح برمَّته، ما سيؤذي إسرائيل حتماً، لكنه سيدمّر ما تبقّى من مقوّمات الحياة في لبنان، وسيجعلنا متسوّلين أذلّاء «على باب الله» فيما نحن شحّاذون ببعض الشرف والوقاحة حتى الآن.

 

شاء أم أبى، علِق «حزب الله» في مأزق تُشاركُه فيه إسرائيل. لا يستطيع الامتناع عن إطلاق النار قبل أن يخمد في غزة، ولا يمكن للدولة العبرية تركه رافعاً مستوى التحدي ومتسبباً في تهجير سكان المستوطنات. وإذا كان «الحزب» يشتهي العودة الى«الستاتيكو» السابق، فدون رغبته رفضُ إسرائيل أي انسحاب غير «حرزان» خلف منطقة عمل القوة الدولية والقرار1701، سواء وقعت الواقعة أم انتهت بهدنة موقتة أو تسوية دائمة.

 

اغتيال العاروري مثالٌ على إمكان رفع حماوة الاشتباك أو تحوّله كرة ثلج قابلة للانفجار. وهي حرب تعني مباشرة أو مداورة كل لبنان. لا تريدها أكثرية اللبنانيين، طوائف وقوى سياسية ومجتمعاً مدنياً وحكومة فاقدة القدرة ومستسلمة للأقدار، لكنها فرضت نفسها على رأس أولويات الجميع. وهم، إذ لم ينسوا ما جرّته «حرب تموز» من ضحايا ودمار للبنى التحتية وتراجع لمؤشرات الاقتصاد والنظام الديموقراطي، فإنهم يراقبون باهتمام النافذةَ التي فتحها الأمين العام لـ«حزب الله» بالحديث عن «فرصة تاريخية»، لعلَّها تسبق التصعيد الذي لن يؤدّي إلّا الى الخراب.

 

لا ضرورة لتكرار أن انتخاب رئيس «بني آدم» للجمهورية هو مدخلٌ أساس لإعادة انتظام المؤسسات واستعادة الثقة رويداً رويداً بلبنان، لكن يبدو أنّ ملء فراغ قصر بعبدا لم يعد رهينة لدى فريق الممانعة ومفاتيح رئيس مجلس النواب فحسب، بل بات أيضاً رهن تطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته أو تسوية أشمل يرعاها «بطل» الترسيم البحري آموس هوكشتاين. تَشي بذلك دينامية التطورات، ويُبلغه الوسطاء الغربيون صراحة لمحادثيهم مرفقاً بتحذير الى «حزب الله» من الانزلاق، وباستهجان من «الخطاب الرسمي» المتفنِن في الرياء.

 

ما يكتنف الاستحقاقين من تعقيدات يرسم صورة مقلقة. للبنان مصلحة أكيدة في فصل المسارين واستعجال انتخاب رئيس. لكن ربطهما قد يفتح أيضاً باب الأمل المشترك في انتهاء التعطيل الرئاسي وخروج البلاد من ورطة «وحدة الساحات» و«مسمار جحا» البري… هوكشتاين «على السمع، وبين يديك». ولتكن دفعة مزدوجة على الحساب، نقتنصها من أجل سلام بلا جلَبة ولا قرقعة سلاح.