Site icon IMLebanon

القوى السيادية… دور أكبر من “قرنة شهوان” وأصغر من “14 آذار”

 

 

تبدّلت الإصطفافات السياسية في لبنان بعد التسوية الرئاسية عام 2016، لكن سرعان ما عاد الوضع إلى عدم الإنضباط بعد انتفاضة 17 تشرين وأدّى هذا الأمر إلى توزّع جديد للقوى السياسية.

 

أدّى لقاء قرنة شهوان دوراً بارزاً في الوصول إلى لحظة 14 آذار، وقد شكّلت الأحزاب والشخصيات التي اصطفّت حول البطريرك الماروني الراحل الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير المنطلق والأساس للقاء البريستول، من ثمّ أتى إنفجار 14 شباط 2005 واغتيال الرئيس رفيق الحريري ليقلب المشهد المحلي والإقليمي رأساً على عقب.

 

صحيح أن شخصيات «قرنة شهوان» كانت مسيحية، لكنّ مطالبها كانت وطنية بامتياز وأبرزها إنسحاب جيش الإحتلال السوري من لبنان، وبعد التمديد للرئيس إميل لحود في أيلول 2004 توسّعت جبهة المعارضة وضمّت بدايةً رئيس الحزب «التقدمي الإشتراكي» وليد جنبلاط، من ثمّ شارك الرئيس رفيق الحريري عبر ممثلين عنه في لقاء البريستول الشهير قبل أن يتمّ إغتياله.

 

وبما أن «14 آذار» كانت عابرة للمذاهب والمناطق وجمعت شخصيات من كل الطوائف، إلاّ أنها لم تستطع تحقيق حلم بناء الدولة، فبعض شخصياتها إغتالته آلة القتل والإجرام وآخرون لم يكملوا المشوار وبعضهم دخل في المحاصصة السياسية، وكانت النتيجة أن وضع «حزب الله» يده على الدولة.

 

ومع دعوة الرئيس نبيه بري إلى جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية يوم غد الخميس، تقف القوى السيادية اليوم موقفاً لا تحسد عليه، فهي غير قادرة على إعادة لحظة 14 آذار بعد غياب القيادة السنية ودخول جنبلاط زمن التسويات، ولا يمكنها في المقابل تخطي معطى 17 تشرين، وإذا كانت «قرنة شهوان» لم تستطع أن تمدّ قبل 2004 جسوراً مع القوى الإسلامية بسبب منع السوري هذا الأمر، إلا أن القوى السيادية اليوم تستطيع فعل ذلك.

 

لا شك أن القوى السيادية تتشكّل من أغلبية مسيحية معنية بالإستحقاق الرئاسي بشكل كبير ترشيحاً واقتراعاً، وذلك ليس لعدم وجود شخصيات سيادية بين صفوف المسلمين، بل لأن قيادة المواجهة في هذه المرحلة تتمثّل بوجود جسم معارض صلب هو «القوات اللبنانية» وقف بوجه «حزب الله» الذي يُعتبر رأس السلطة الحاكمة، ومن جهة ثانية أدّى حزب «الوطنيين الأحرار» دوراً بارزاً في تكوين «الجبهة السيادية»، فالحزب الذي أسسه الرئيس كميل شمعون قيمته المعنوية عند المسيحيين واللبنانيين أكبر من حجمه في مجلس النواب.

 

وبعد محاولته خلق خيار بديل، عاد حزب «الكتائب اللبنانية» إلى خطابه السيادي المستمدّ من تاريخ الحزب، في حين أن حركة «الإستقلال» دخلت كقوة موجودة فعلياً على الساحة المسيحية الشمالية بعدما فازت بمقعدين نيابيين، وبالتالي فإن هذه القوى تتألف تنظيمياً من أغلبية مسيحية.

 

لكن وجود أشخاص كالنائب أشرف ريفي ورئيس حزب «الحوار الوطني» النائب فؤاد مخزومي إلى جانب الأحزاب والشخصيات السيادية يعطي هذه القوى طابعاً وطنياً وليس مسيحياً، خصوصاً أن هذه القوى منفتحة على الحوار مع جنبلاط، ما يخرجها من كونها قوى مسيحية صرفاً.

 

صحيح أن هذه القوى لن تستطيع الوصول إلى حجم «14 آذار»، لكنها تشكّل المدماك المقاوم في السياسة الوطنية، فهذه القوى السيادية تقاوم محاولات وضع «حزب الله» يده على البلد وهنا النقطة الأساس والمنطلق لبناء الدولة، في حين أن إستحقاق رئاسة الجمهورية هو أول الغيث إذا ما استطاعت هذه القوى توحيد المعارضة والذهاب إلى مرشح واحد، وحتى الساعة لم تستطع القيام بهذه الخطوة إلا إذا حصل تطور في الـ24 ساعة المقبلة واتفقت على مرشح وحيد، لكن النكسة ستكون إذا لم يستطع هذا المرشح نيل النصف زائداً واحداً في الدورة الأولى.