منذ ما قبل الانتخابات النيابية الأخيرة التي نُظّمت عام 2009، يضجّ الوسطان الاعلامي والسياسي بخبريات عن خلافات بين حزبي الكتائب والقوات اللبنانية. قيادتا الفريقين حرصتا دائماً على نفي هذه الأخبار، واضعتين إياها في إطار «الاختلاف في وجهات النظر» و«التمايز داخل الفريق الواحد». إلا أنّ غياب الودّ بين الصيفي ومعراب و«المعارك» التي تُشنّ بين القاعدتين على وسائل التواصل الاجتماعي ليست خافية على أحد.
«العلاقة دقيقة وسلبيّة، ولا نكاد نتفق على أيّ ملف»، كما يقول أحد أعضاء المكتب السياسي الكتائبي. المدّ والجزر يتحكمان في العلاقة بين الغريمين التاريخيين، «هذه ليست المرّة الأولى، ولكن حالياً نحن في فترة تباعد».
البداية من الحملة التي أطلقتها القوات اللبنانية لمكافحة المخدرات، والتي كانت محطّ سخرية في أحد الاجتماعات الكتائبية، «يبدو كأنّ الجماعة طلّقوا العمل السياسي وتراجعوا لأداء مهمات اجتماعية، وكلّ ذلك بسبب ورقة النوايا مع التيار الوطني الحرّ التي سحبت من أيديهم قرار الهجوم على أي فريق سياسي». لذلك، يرى عضو المكتب السياسي أنّه لا يُمكن للقوات أن «تتقاعد عن العمل السياسي وفي الوقت نفسه تفرض شروطها لتسيير الحياة السياسية، في حين أننا نحن الذين نعمل ليل نهار».
التفصيل الجديد أيضاً في فصل «الاختلافات» مع القوات هو ما تردّد في معراب عن اتهام رئيس الكتائب سامي الجميّل رئيس حزب القوات سمير جعجع بأنه هو «من ارتكب جريمة اغتيال داني شمعون». هذا الاتهام الذي تردّد أنّ الجميّل أطلقه أمام وفد حزب الوطنيين الأحرار الذي زاره لدعوته الى المشاركة في الجناز عن راحة نفس شمعون، «أزعج الحكيم كثيراً، إلا أنه طلب منّا عدم إثارة الموضوع لأنه لا يريد زيادة حدّة الخلاف مع الكتائب»، بحسب مصدر قواتي. عضو المكتب السياسي ينفي من جهته هذا الاتهام: «وكأنهم (القوات) مستفيدون من بثّ هذه الإشاعة».
أما النقطة الثالثة، فهي تصريح الجميّل بأنّ الكتائب لم تعد تدعم جعجع الى رئاسة الجمهورية «بعدما تبيّن أنه لا أمل بفوزه»، ووصف رئيس القوات بأنه حليف لمحور السعودية. «ليش بدن يزعلو؟ نحن لا نقول سوى الحقيقة. هذا الواقع لا يعني وجود نية في أي خلاف مع القوات»، كما تزعم مصادر أخرى في الحزب.
في معراب جملة بسيطة تختصر «حساسيّة» الكتائب: «هم متضايقون من التفاهم مع العونيين. انطلاقاً من هنا تُفهم كل تصرفاتهم». تردّ مصادر الكتائب بأنّ الهدف من التقارب هو «وحدة الموقف المسيحي، ولكن فعلياً لا نفهم بناءً على أيّ أُسس جرى هذا التفاهم». وتُذكّر بأن النائب الجميّل «كان من أكثر الذين سعوا الى وحدة القيادات المسيحية والعمل على استراتيجية واحدة». تحاول المصادر تحجيم الخلاف وحصره في إطار «التشنجات على وسائل التواصل الاجتماعي»، إلا أنها في الوقت نفسه تعيب على مناصري القوات «تحويل كلامنا السياسي الى هجوم شخصي على سامي. نحن لا نية لدينا في إزعاج أحد».
يحلو للكتائب أن تضع نفسها دائماً في موقع الضعيف الذي يتعرض لـ«حرب إلغاء. صحيح نحن نعاني من ضعف في مجالات كثيرة، ولكن هم «هاجمين» علينا». مثلاً، يستعد الحزب لافتتاح مركز له في رأس بعلبك «في حين أننا ممنوعون من ممارسة العمل الحزبي في بشرّي. ألم يسأل أحد نفسه لماذا؟»، إضافةً الى «الاستفراد الاستفزازي» بالقرارات، كدراسة قانون الانتخابات النيابية، «كأننا غير موجودين. شو بيطلعلهم بكسروان والمتن من دون الكتائب؟». يهمّ المصادر التأكيد أنّ الكتائب «تريد فتح صفحة جديدة مع جميع الأفرقاء، ولكن على الجميع أن يعرف أن الكتائب عادت الى الساحة». وهي لا تملّ من بعث الرسائل إلى جميع الأفرقاء بغية ترسيخ هذا الأمر. تحاول المصادر الإيحاء بالعلاقة الجيدة التي تُبنى مع وزير الخارجية جبران باسيل، «الاجتماع بين الأخير والجميّل كان جيّداً، وهما اتفقا على إبقاء التواصل قائماً»، إضافة الى الاستفادة من اللقاء الذي عُقد يوم الجمعة الماضي بين طلاب الكتائب ورئيس حزبهم للقول «إننا نوسّع بيكار عملنا بين الجيل الجديد. سامي يُفكر استراتيجياً». لذلك بدأت الاستعدادات «لزيارة سيقوم بها لروسيا. بعد الدور الذي تلعبه موسكو في المنطقة، من لا ينسج علاقات جيدة معها يكن غبياً. سنقوم بكل شيء حتى نخرج من سياسة المحاور».