ردّ الرئيس المكلّف سعد الحريري بالأمس الفضل لرأس الرئاسة الثانية الرئيس نبيه برّي بقوله “أنا مع الرئيس نبيه برّي ظالماً أو مظلوماً”، وهذه “المعيّة” سبق وأعلن بري أنّه “سلّفه” إياها بقوله “أنا مع سعد الحريري ظالماً أو مظلوماً”، عندما علّق الرئيس نبيه برّي على “معيّته” لسعد الحريري ظالماً أو مظلوماً، تحسّر كثيرٌ من اللبنانيّين على الرئيس الشاب سعد الحريري الذي لم يُسمح له حتى بخوض تجربة تأليفه الأولى التي آلت إلى الفشل، ولا تجربة حكومته الأولى بعد تكليفه الثاني فبقيت مشلولة على مدى ما يقارب العام، ثمّ كان إسقاطها الشهير بالثلث المعطّل عندما اختبأت “الثنائيّة الشيعيّة” في الرابية لتسقطها من هناك درءاً لحساسيّة مذهبيّة الموقف من المحكمة الدوليّة!! من يفكّر جيّداً يطرح على نفسه السؤال: أينَ كان سعد الحريري ظالماً؟؟ بل خلاصة القول في هذا “التظليم” جوابه في: ما أكثر ما كان مظلوماً مع الرئيس نبيه بري ـ كما كان أبوه من قبله أيضاً ـ لطالما كان الحريري مظلوماً “ومكتّر” منذ بدأ تجربته السياسيّة، مع أمراء الحرب الذين غسلوا أيديهم من دماء اللبنانيّين ودخلوا “جنّة السلطة” فتسلّطوا وظلموا!!
أمّا أن يكون رأس الرئاسة الثالثة منذ السادس من أيلول العام 1992 وحتى تاريخه ـ ما يقارب ربع قرن من الحياة البرلمانيّة احتكر فيها الدستور وتفسيره وفرض القوانين الانتخابيّة المفصّلة على قياس المحادل ـ مظلوماً، فهذه فيها الكثير من الأخذ والردّ، وما أقرب ذاكرة انتخاب رئيس للمجلس النيابي بُعيد انتخابات العام 2009 والرصاص الذي اجتاح بيروت والأبرياء الذين سقطوا وقتلتهم الفارّين من وجه العدالة، هل من يتذكّر اليوم تلك الأم من آل المير التي يُتّم أطفالها انتقاماً!!
للذاكرة عندما فشلت الجولة الأولى لمؤتمر لوزان المنعقد في 6 فبراير شباط 1984 اندلعت موجة عنف جديدة أسفرت عن انقلاب نفذّته حركة أمل والحزب التقدمي الاشتراكي على بيروت الغربية من بيروت، أمّا محاولة الحوار الثانية في 12 آذار 1984 في مدينة لوزان السويسرية برعاية سورية ـ سعودية أسفرت عن تشكيل حكومة مختلطة ضمّت القوى المتحاربة برئاسة الرئيس رشيد كرامي التي أبصرت النور في 30 نيسان 1984 شغل فيها الرئيس بري يومها منصب وزير العدل، ومنذ انقلاب 6 شباط كان رئيس حركة أمل وحليفه اللدود وليد جنبلاط “ظالمين” لبيروت وأهلها حتى “الحريق” وإعادة جيش الاحتلال السوري إليها!!
وبصرف النّظر عن كلّ تاريخ الحرب الأهليّة، وحصراً في موضوع تشكيل الحكومة الذي يعطّل الرئيس نبيه برّي تشكيلها عن سابق تصوّر وتصميم، ويريد أن “يؤدّب” العهد ورئيسه العماد ميشال عون، وأن “يؤدّب” أيضاً الرئيس المكلّف سعد الحريري، وكان هذا واضحاً لمن يريد أن يفهم منذ قال من قصر بعبدا ومع انتهاء الاستشارات النيابيّة وقبيل إعلانه تسمية الحريري رئيساً للحكومة: “هيك بكون وفّيت الدين الذي في رقبتي للرئيس الحريري”، هذه الجملة لم تكن تعني إلا معنىً واحداً: “سميّتو.. بس خلّيه يألّف”!!
واحدٌ من التبريرات التي يجهد نواب ووزراء كتلة التنمية والتحرير تسويقها لتعطيل رئيس كتلتهم لتشكيل الحكومة ما قرأناه عبر صحيفة الشرق الأوسط عن لسان وزير الأشغال غازي زعيتر الذي “رفض ربط مطالبة رئيس مجلس النواب نبيه برّي بوزارة الأشغال بإعتبارها عمل هذه الوزارة هو بمثابة الحملات الانتخابية للأحزاب، مشيراً إلى أن مطالبة بري مردها لعدم تطبيق مبدأ المداورة على باقي الوزارات. هذا الأمر إهانة للشعب اللبناني قبل الأحزاب”، “بشرفكن” هل هناك إهانة للشعب اللبناني وللأحزاب أكثر من هذا الكلام، مبدأ المداورة، فلتكن المداورة “دولتك” ولتبدأ من وزارة الماليّة ووزارة الأشغال، “بدّك ما تواخذنا دولة الرئيس”، اللبنانيّون يعرفونك مثلما يعرفون كفوف أيديهم، “التعنّتْ” ظاهراً في وجه القوات اللبنانيّة، والمقصود باطناً إعادة الرئيس سعد الحريري إلى بيت طاعة “التنازلات”، والغاية والمراد والهدف “تحجيم” رئيس البلاد العماد ميشال عون، ومن الآخر.. “دولة الرئيس” محاولاتك كلّها ستبوء بالفشل، “زمان الأوّل، زمان الوصاية السوريّة، تحوّل”!