IMLebanon

“عليّ وعلى أعدائي”

 

يتمتع الاختصاصيون في السياسة اللبنانية بمواهب كثيرة، منهم من هو فاسدٌ بامتياز لكنه يستطيع تغطية فساده بطرق شتى، حتى أنه يستطيع أن يجمع حوله أنصاراً يُطعمهم من فتات مائدته أو من مال الدولة فيهتفون باسمه ويفدونه بالروح والدم.

 

منهم من هو “بياع كلام” يأخذ جمهوره يمنةً ويسرةً، حتى يجعل منهم سكارى فلا يميزون الصح من الخطأ ويصبحون مجرد أداة في يده يستخدمها ساعة يشاء.

 

منهم من هو خبيرٌ في الترغيب والترهيب ولا يتورعُ عن فعل أي شيء من أجل حماية مصالحه وتطبيق أجندته ولو على حساب كل الوطن وباقي المواطنين.

 

هؤلاء الاختصاصيون وغيرُهم تمثلوا في الكثير من الحكومات التي تعاقبت على لبنان ونجحوا في فرط البلد واقتصاده وماليته، ودمروا دولته ومؤسساتها وعطلوا الدستور وعززوا ثقافة الفساد والهدر، وقضوا على العدل والقضاء لحساب المحاصصة والمحسوبية والزبائنية ولم يتركوا فاحشة إلا وارتكبوها وكلُها تحت شعارات واهية من الوطنية والوفاق والتصدي للمؤامرات. في اختصاص سياسة النفاق لا يحتاج ممارسوها إلى شهادات يحملونها من كبريات الجامعات أو لسنوات خبرة بذلوا فيها الغالي والرخيص، بل هي تحتاج فقط إلى انحدارٍ أخلاقي ووطني يستثمرونه في مواقع حساسة وغنية تجلب لهم ولحاشيتهم الأموال والمصالح لشراء الأصوات والضمائر.

 

لبنان يبحثُ الآن عن نوع آخر من الاختصاصيين الحقيقيين الذين قد يكون بإمكانهم إنقاذُ البلد مما هو فيه، وفي حال قدر لهؤلاء أن يصلوا إلى صفوف الحكومة والحكم فإن المواجهة ستكون مفتوحة بينهم وبين الاختصاصيين في خراب البلد، ولذلك يبدو أن وصول هؤلاء مستحيل لأنهم سيكشفون عوراتِ من سبقهم وقد يقودونهم الى المحاسبة الشعبية والقضائية.

 

إن رعاية “حكومة اختصاصيين” من قبل طبقة سياسية فاسدة لن يجدي نفعاً لأنها منذ اللحظة الأولى لولادتها لن تكون بحسب رغبات الشعب اللبناني، بل ستكون ألعوبةً في يد من تخصصوا في خراب لبنان وسيكون هؤلاء على أهبة الاستعداد للقضاء عليها في مجلس النواب والشارع في حال خرجت عن طورهم وطاعتهم، وبالتالي لا يجب على أي لبناني أن يقبل بهذا الفخ الذي ينصب لنا جميعاً كي يتنصل “اختصاصيو الخراب” من مسؤولياتهم في تحمل تبعات الانهيار، ولذلك يجب تركهم يتحملون وحدهم مسؤولية ما ستؤول إليه الأمور، فمقولة “عليّ وعلى أعدائي” قد تكون في حالنا أفضل بكثير من مقولة “نحنا أم الصبي”.