لا حديث يتقدم على حديث الحوار المنتظر بين حزب الله وتيار المستقبل المختلفين على أمور أساسية والشريكين في حكومة الرئيس تمام سلام. ولا شيء يرمز الى عمق المأزق الذي نحن فيه ومدى الفراغ الوطني الأخطر من الشغور الرئاسي أكثر من أن يصبح هذا الحديث هو الحدث. فالحوار نهج حياة، لا مجرد موسم. وهو طريق يقود الى هدف، وليس هدفاً في حد ذاته. وأبسط الملموس والمرئي بالعين المجردة في الواقع هو زحام المخاطر الاقليمية علينا وتصاعد الانقسامات الداخلية والحسابات الفئوية والشخصية الضيقة. وما يدور الكلام عليه هو حوار محدود حول ملفات محددة من دون الاقتراب من الملفات التي لا مجال للحوار حولها ولا حل للخلاف عليها، ولا بناء دولة في ظلها.
ومن المهم بالطبع أن يساهم الحوار في الحد من الاحتقان المذهبي، حيث الصورة في حد ذاتها عامل ايجابي. لكن الأهم هو وقف الاحتقان المذهبي في المنطقة. فلا لبنان قليل التأثر بما يدور في المنطقة، ولا الطابع المذهبي للصراع سوى واحد من عوامل عدة في الصراع الجيوسياسي على المنطقة وفيها، وهو صراع لم يعد للدور القومي العربي وزن فيه ولا موقع مهم على المسرح الذي يدور فوقه صدام المشاريع الاقليمية.
حتى في خطاب الاجماع اللبناني على خطر داعش، فان النظرة ليست واحدة الى وسائل المواجهة ومكانها. وحتى الاجماع العربي والاقليمي والدولي على محاربة داعش والارهاب، فان الحسابات مختلفة بين أطراف التحالف ومع القوى التي بقيت أو أبقيت خارجه.
وما دام ملء الشغور الرئاسي هو البند المتداول والأكثر إلحاحاً عشيّة الحوار، فإن السؤال هو: كيف نفك الخيوط في عقدة الرئاسة؟ اذا كانت العقدة محلية فقط، فانها مرشحة للاستمرار، لأن المواقف جامدة: لا حزب الله يتخلّى عن ترشيح العماد ميشال عون، ولا تيار المستقبل مستعد للتصويت له، وبالتالي لا العماد عون يصل الى قصر بعبدا، ولا هو يفتح طريق القصر أمام سواه، واذا كانت العقدة اقليمية ودولية كالعادة منذ الاستقلال، فان المواعيد ليست على الساعة اللبنانية. فالرهان على تفاهم أميركي – ايراني صار على مسافة سبعة أشهر بعد التمديد للتفاوض على الملف النووي. وانتظار تفاهم سعودي – ايراني هو انتظار أطول.
وأسبوع هو زمن طويل في السياسة كما كان يقول رئيس الوزراء البريطاني هارولد ويلسون. فكيف اذا تجاوزنا الشهور؟ وكيف اذا نسأل من دون جواب حقيقي: لماذا نعجز عن انتخاب رئيس، ولماذا يجب أن نربطه بتفاهم اقليمي – دولي؟