هل تشكّل خطوة تيّار المستقبل بمقاطعة جلسات مجلس الوزراء مخرجاً لأزمة تعيين القيادات الأمنية ما دام لا نية عنده لاستقالة وزرائه من الحكومة، كما تشي المواقف التي صدرت حتى الساعة عنه، أم أن التصعيد الذي بدأ بالمقاطعة سيتحول وهو بحد ذاته إلى أزمة تؤدي إلى استقالة الحكومة التي هي في الأساس، باتت شبه حكومة تصريف أعمال بعدما منع عليها أو منعت نفسها من الخوض في كل المواضيع والقضايا المهمة، وتكتفي فقط بدرس وإقرار البنود العادية التي لا تصطدم بالمصالح المتعارضة للمرجعيات الممثلة بالحكومة؟
في غياب أي مؤشر عن تفاصيل الجزء الثاني للتيار البرتقالي في مواجهة التمديد للقيادات الأمنية باستثناء الصرخة التحذيرية التي أطلقها رئيس التيار في الأسبوع الماضي، أي عشية انعقاد مجلس الوزراء، يبدو أن التيار لن يذهب في تصعيده إلى حدود الاستقالة من الحكومة أو دفعها إلى الاستقالة وإن كان بات يُدرك جيداً أن المقاطعة الحكومية لم تفعل فعلها وأن الحكومة عقدت جلستها العادية، وأقرّت ما تيسر من بنود تلك الجلسة من دون أن تتأثر أو تؤثر عليها المقاطعة ما يعني بالبرهان أن الحكومة ورئيسها ماضية في موقفها ولن تتراجع عنه، تحت تأثير المقاطعة البرتقالية خصوصاً وأنها مدعومة من باقي القوى السياسية بمن فيهم حلفاء التيار مثل حزب الله الذي حضر وزيراه الجلسة واكتفى أحدهما بتسجيل طلب خجول تمنى فيه تأجيل الجلسة، في الوقت الذي تدل كل مواقفه على أنه مع التمديد للقيادات الأمنية في حال تعذر التعيين وهو متعذر حكماً ولن يجاري بالتالي «حرد» حليفه وذهاب وزيريه إلى حدّ التهديد بالاستقالة في حال حصل التمديد لهذه القيادات.
ويأتي بعد موقف حزب الله المخيب لآمال التيار البرتقالي موقف حليف الحليف رئيس مجلس النواب نبيه برّي الذي ذهب بعيداً في موقفه المؤيد لبقاء الحكومة حيث اعتبر أن جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت في غياب وزيري التيار والوزير الأرمني ميثاقية خلافاً لادعاءات الوزير جبران باسيل بأنها لم تعد كذلك في ظل غياب مكون مسيحي أساسي، وزاد الرئيس برّي على ذلك معتبراً انه حتى إستقالة وزيري التيار والوزير الارمني منها لا تؤثر على ميثاقيتها.
يضاف إلى ذلك مواقف المرجعيات الأخرى من جبهة النضال الوطني الممثلة بوزيرين وتيار المستقبل وباقي وزراء الثامن من آذار التي أجمعت على أن الجلسة التي عقدها مجلس الوزراء في الأسبوع الماضي، كانت ميثاقية بكل معنى الكلمة ولا غبار بالتالي على ميثاقيتها بمقاطعة وزيري التيار والوزير الأرمني لها وصولاً إلى تهديدهم بالاستقالة منها لإفقادها ميثاقيتها واجبارها بالتالي إما عن العودة عن التمديد للقيادات الأمنية وإما إلى تقديم استقالتها إلى الرأي العام اللبناني في ظل استمرار غياب رئيس الجمهورية التي تقدّم إليه عادة استقالة الحكومة فيقبلها ويطلب إليها تصريف الأعمال إلى أن يتم تأليف حكومة جديدة أو برفض الاستقالة ويطلب اليها البقاء في عملها كما ينص عليه ذلك الدستور.
بعد هذا العرض، أصبح الكلام عن استقالة الحكومة لا معنى له، والتمديد لقائد الجيش الحالي العماد جان قهوجي ولرئيس الأركان أصبح أمراً واقعاً، وتحولت مقاطعة الوزراء الثلاثة إلى ما يشبه مسرحية هزلية وإن أصر التيار البرتقالي على تحويلها إلى دراما.