IMLebanon

خطاب توازن الردع وتثبيت المعادلات

 

 

الحدث، اعتداء إسرائيلي في الضاحية الجنوبية على مركز الإعلام الرئيسي لـ”حزب الله” والغارة في سوريا. لساعات طويلة انتظر اللبنانيون ما سيقوله الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله حول حقيقة ما حصل وما سيترتب عليه. حتى مسؤولو الحزب التزموا الصمت، لم يقدموا تحليلات ولا معلومات إضافية في انتظار كلام السيد.

 

صارت الساعة الخامسة، بدأ الاحتفال بالذكرى الثانية للانتصار في معركة الجرود، دقائق تمر يحسبها المنتظرون أطول من المعتاد. السادسة، أطل السيد مفنداً خطابه، أولاً وثانياً وثالثاً… قال الكثير وأسهب، أمنياً وإنمائياً. رسائل وزعها في كل اتجاه، إلى أن حان موعد الكلمة الفصل. بالصلاة على محمد وآل محمد فصل بين ما سبق وما سيلي ليكون وصفه للاعتداء الاسرائيلي على قدر الحدث “خطير جداً جداً جداً” ولتتوالى بعدها الإشارات.

 

حسمها السيد “من الآن فصاعداً سنواجه الطائرات المسيّرة الاسرائيلية في سماء لبنان، ونعمل على إسقاطها، وليأخذ الاسرائيلي علماً بذلك منذ الآن”. وتابع “لن نقبل بأن تستباح مدننا وقرانا، وإذا كان هناك من هو حريص على عدم حصول مشكل، فليتحدث مع الأميركيين، وهم يتحدثون مع الإسرائيليين ويطلبون منهم أن ينضبّوا”.

 

أعاد نصر الله التذكير بمعادلة موجودة منذ العام 2000 ثم بالمعادلة القائمة في العام 2006. يوم كان خرق الخط الأزرق يقابله خرق للخط الأزرق، والخرق في مزارع شبعا سيقابله خرق مماثل، لكن عملية الأمس تجاوزت المعمول به لتكون أول عملية بتوقيع اسرائيلي واضح. أعطى نصر الله الموقف الأساسي والباقي سيوضحه خلال الأيام المقبلة. ومن خارج الإطار المعهود لما سبق واتفق عليه سيكون الرد لكن حسب بعض العارفين بخفايا الأمور عسكرياً قد لا يكون المقصود ذهاب الأمور نحو الحرب لأن إسرائيل غير مستعدة لها في الوقت الراهن.

 

أكد جهوزية المقاومة واستعدادها وقدرتها على التصدي حتى في المجال الجوي، لتكون هذه هي المرة الأولى التي يكشف فيها صراحة عن القدرات العسكرية لـ”الحزب” في هذا المجال.

 

هو خطاب ترميم مفهوم الردع، وتثبيت المعادلات، أراد نصرالله من خلاله أن يقول للعالم إن كل رسائل الحصار والعقوبات التي فرضت أو ستفرض لن تستطيع النيل من عضد “حزب الله” وإذا كان الإسرائيلي يحاول الاختبار في هذا المجال فقد فشل.

 

فضلاً عن الحديث المتصل بالداخل الإسرائيلي وخلق مشكلة أو شرخ بين الجيش الاسرائيلي والشعب والدخول على خط الانتخابات الاسرائيلية للقول للشعب الاسرائيلي بالمباشر: “نتنياهو يلعب بدمكم وليس بدم أحد آخر”.

 

ردّ على تصعيد بتصعيد، وفي رأي المطلعين على أجواء “حزب الله” فإن السيّد كسر المعادلات بكسر المعادلات، وكما كسر نتنياهو قاعدتين من قواعد الاشتباك مع “حزب الله” من خلال تفعيل الاستهداف لعناصره في سوريا وتفعيل الاستهداف في لبنان، جاءه الرد سريعاً من نصر الله بكسر معادلتين أيضاً، تفعيل الاستهداف لجنوده ومن على الحدود اللبنانية ومن خلفها وتفعيل إسقاط السلاح الإسرائيلي الجديد في المنطقة أي المسيّرات المفخّخة وغير المفخّخة أيضاً في الأجواء اللبنانية.

 

بنبرة حادة حملت كل معاني التهديد لإسرائيل، ولم تخلُ من دلالات مستجدة عن تغيّر واضح ووشيك في قواعد اللعبة التى استقرت الحال عليها منذ عدوان تموز 2006على لبنان، شرح السيد نصرالله حقيقة ما حصل: “دخلت طائرة تجسس إسرائيلية عسكرية نظامية وطولها قرابة المترين إلى حي في معوض. الطائرة التجسسية وصلت في تحليقها بين البنايات لتصوّر الهدف، ونحن لم نسقطها إنما شبان رموا الحجارة عليها ووقعت، وبعد دقائق قليلة أتت طائرة مسيّرة انتحارية وضربت مباشرة على هدف ما في الضاحية”، مضيفاً أنّ “ما حصل هو اعتداء واستهداف مباشر في الضاحية الجنوبية”. واعتبر أنّ “السكوت عن هذا الخرق سيؤسس لمسار خطير ضد لبنان”، خصوصاً أنّ “هناك تكراراً لسيناريو الاستهدافات ضد الحشد الشعبي في العراق”. وقال: “نحن في لبنان لا نسمح بمسار من هذا النوع، انتهى الزمن الذي تأتي فيه طائرة إسرائيلية تقصف في لبنان ويبقى الكيان الاسرائيلي آمناً” ليتوجه إلى سكان الشمال في فلسطين المحتلة بالقول: “لا ترتاحوا ولا تطمئنوا ولا تصدقوا أن “حزب الله” سيسمح بمسار كهذا”. وبربط لافت بين الاستهداف في لبنان وسوريا معاً قال: “إذا قتلت إسرائيل أياً من اخواننا في سوريا سنرد على هذا القتل في لبنان وليس في مزارع شبعا”… وإلى الإسرائيلي على الحدود: “من اليوم قف على قدم ونصف وانتظر ردّنا”.