يستعد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لزيارة الفاتيكان في الخامس عشر من الجاري، على أن يلتقي البابا فرنسيس في اليوم الثاني لزيارته التي ستكون حافلة باللقاءات المتقاطعة مع القداديس الالهية..
يعوّل عديدون على أهمية الزيارة، أقله من الناحية المعنوية بالنظر لما تمثله الفاتيكان على المستوى الروحي عالمياً، ورئيس الجمهورية هو المسيحي الوحيد في منطقة الشرق الأوسط.. لكن الأنظار تتجه الى التاسع والعشرين من الجاري، موعد انعقاد القمة العربية في العاصمة الاردنية – عمان، وسيكون لبنان حاضراً وممثلاً برئيس الجمهورية العماد عون، ورئيس الحكومة سعد الحريري، وان كانت تسريبات اعلامية تشكك في احتمال مشاركة الحريري في القمة «اذا ما اتجه الرئيس عون الى تبني موقف مناهض للاجماع العربي» على نحو ما حصل في اجتماعات سابقة لوزراء الداخلية والخارجية العرب»؟!
تؤكد مصادر وزارية متابعة، ان مشاركة الحريري الرئيس عون في حضور القمة العربية أمر محسوم ايجاباً.. خصوصاً وأن لبنان، يعيش «مرحلة الانتقال من الانقسام الى مرحلة التفاهم والاستقرار» التي شدد عليها الرئيس الحريري في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة التي أنجزت التعيينات العسكرية والأمنية والقضائية على نحو غير مسبوق من التفاهم الذي ثبت مشروع الدولة ورسخ قواعد «انقاذ البلد من المشاكل والتحديات..» وتأسيساً على هذا، فإن الكلمة التي سيلقيها الرئيس العماد عون في القمة، لن تكون كلمة شخص، بل ستكون كلمة دولة بعد ان تكون درست في مجلس الوزراء وأقرت.. من غير ان يعني ذلك تجاهل التباينات في مواقف الافرقاء حول العديد من المسائل الجوهرية ومن بينها القرارات الدولية ومدى التزام لبنان بها وتمسك البعض بسلاح المقاومة («حزب الله») كبند أساس و»حصري» في المواجهة مع العدو الاسرائيلي..
قد يكون من المبالغة، او من السابق لأوانه ان يعمد العهد الي مراجعة نقدية لبعض المواقف التي أثارت امتعاضاً لدى العديد من الدول الخليجية، وفي طليعتها المملكة العربية السعودية.. على رغم ان الرئيس العماد عون يتعرض لبعض الضغوط من مراجع ديبلوماسية غربية على خلفية مواقفه الأخيرة في محطة الـCNN عشية توجهه لزيارة مصر اواسط شباط الماضي.
لم يدر رئيس الجمهورية ظهره لما صدر من مواقف واجراءات، وهو، على ما يقول المصدر الوزاري اعلاه، حرص على توضيح الصورة وبأنه على يقين بأن ما حصل هو مجرد «سحابة صيف».. وان ما عناه لا يعني بالضرورة مساواة سلاح «حزب الله» بسلاح الشرعية الدولتية وان كان لا يمكن القفز من فوقه مع ضمانات بابعاد هذا السلاح عن الداخل. و»التفاهم الذي ارسيناه هو تأكيد احترام لبنان القرار ١٧٠١».
يعطي العماد عون أهمية مميزة لعلاقات لبنان مع الدول العربية، وهي «علاقات استراتيجية» تقوم على وحدة الانتماء ووحدة المصير ووحدة المصالح ولا يمكن الفصل بينها.. وهو يواجه خطرين أساسيين هما «الارهاب التكفيري» و»إسرائيل التي تهددنا دائماً.. ومن حقنا ان ندافع عن أنفسنا..» على ما يقول المصدر الوزاري المقرب من العماد عون، الذي يؤكد التفاهم على مسألتين:
– الأولى: ان سلاح «حزب الله» هو لحماية لبنان لا للهجوم من لبنان، ولا لاستخدامه داخل لبنان..
– الثاني: التفاهم على «الاستراتيجية الدفاعية، وتحت مظلة الدولة..» من دون ان يدير لبنان ظهره للخروقات الاسرائيلية المتمادية والمتواصلة للسيادة اللبنانية براً، بحراً وجواً، إضافة الى استمرار احتلال إسرائيل أراض لبنانية..
يؤكد المصدر، ان مسودة كلمة الرئيس عون في القمة العربية ستكون حاضرة في مجلس الوزراء.. وهي ستؤكد على الثوابت اللبنانية والعلاقات المميزة مع الدول العربية، وتحديداً دول الخليج العربي.. وتأسيساً على هذه «الثوابت» تعمد الرئيس عون ان تكون زياراته الخارجية الأولى للخليج، وتحديداً المملكة العربية السعودية.. ومن بعدها الي مصر وزيارته مقر الجامعة العربية.. من دون ان يعني ذلك ان يدير لبنان ظهره للانقسامات العربية التي شكلت أكبر هدية للعدو الاسرائيلي، كما وللعدو الارهابي.. كما ومن دون ان يعني ذلك ان يدير لبنان ظهره لسائر العلاقات الاقليمية والدولية التي له مصلحة استراتيجية فيها..
لا ينكر المصدر حراجة الوضع الاقليمي وغموض المواقف الدولية وما يمكن ان يترك من تداعيات على الوضع اللبناني السياسي والاقتصادي والاجتماعي، كما والأمني.. وما يمكن ان تكون «إسرائيل» تهيء له، وهي تسعى للحصول على «بركة دولية» للقيام بعمليات عسكرية ضد «حزب الله».. كما لا ينكر المصدر «البلبلة» في الداخل اللبناني والدوران في حلقة مفرغة، في موضوع الانتخابات النيابية، حيث يتصرف عديدون وكأن لبنان في مأمن مما يجري على الحدود اللبنانية – الاسرائيلية وفي المحيط الاقليمي، القريب منه والبعيد.. خصوصاً وأن ديبلوماسيين معتمدين في لبنان، باتوا يمتهنون سياسة «التعبئة» و»التحريض» لاهداف لم تعد خافية على أحد.. ومع ذلك فإن لبنان الرسمي، سيقول كلمته الجامعة – المانعة في القمة العربية المرتقبة بعيداً عن «التباينات» الحاصلة في العديد من المواقف والاستحقاقات..