لا يخفى على أحد ان «حزب الله« بحاجة الى لبنان هادئا ومستقرا لاستعماله كقاعدة انطلاق لحروبه الخارجية من سوريا الى العراق، ولا يخفى على احد ايضا ان لبنان المستقر هو الرئة التي يتنفس بها «حزب الله« والنظام السوري ولا مصلحة لأي منهما بزعزعة هذا الاستقرار لما يؤمنه لهما من حركة مقاتلين واسلحة وحتى طبابة لقيادات النظام السوري التي تلجأ الى لبنان للاستشفاء.
الا ان عملية «عاصفة الحزم« التي بدأتها المملكة العربية السعودية فجر السادس والعشرين من شهر آذار الفائت ومعها دول عربية من مصر الى الاردن والسودان وبغطاء اقليمي من تركيا وباكستان، فاجأت كلاًّ من إيران و«حزب الله«. فإيران التي كانت تشعر بنشوة النصر والسيطرة على البلدان العربية وهي عبّرت عن ذلك أكثر من مرة على لسان مسؤولين ايرانيين وآخرهم تصريح صدر قبل أشهر قليلة عن ان إيران اصبحت تسيطر على أربع عواصم عربية، هي بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء. تفاجأت بوجود تحالف عربي يقف بوجه سيطرتها وهيمنتها على المنطقة.
وإن جاء الاعتراض الإيراني على «عاصفة الحزم« اكثر ديبلوماسية من اعتراض «حزب الله« الذي استعمل امينه العام السيد حسن نصرالله الشتائم بحق الدول العربية وتحديدا السعودية لخوضها هذه الحرب ضد مشروع الامبراطورية الفارسية فذلك لا يعني ان إيران ليست مستاءة من هذه العملية ولا تشعر بالتهديد الحقيقي لطموحها ونفوذها الذي عملت على ترسيخه عبر دعم «حزب الله« والنظام السوري والحوثيين.
يقول النائب أمين وهبي لـ»المستقبل« إن اللبنانيين «اعتادوا ان يتم استعمالهم من قبل إيران، فإيران تقاتل في سوريا حتى آخر لبناني وفي العراق وفي اليمن ايضا حتى آخر لبناني، بموافقة حزب الله الذي يقوم بعمليات خارج الحدود اللبنانية ويخوض معارك ايران في سوريا والعراق ويضع مصلحتها والمنطق العصبي والمذهبي قبل مصلحة لبنان.«
ويضيف «من هذا المنطلق جاء رد فعل حزب الله الغاضب والمتوتر اثر عملية عاصفة الحزم، فالحزب يعتبر الدفاع عن خطط إيران واطماعها التوسعية يأتي قبل مصلحة لبنان واللبنانيين. لذلك، هاجم الجميع من رئيس الحكومة تمام سلام الى السعودية، فعملية عاصفة الحزم في اليمن وقفت بوجه الاطماع الايرانية ورغبتها التوسعية، وحزب الله يدرك جيدا معنى ان يكون هناك للمرة الاولى منذ سنوات تحالف عربي واسع يقول للسياسة الايرانية في المنطقة كفى بعد سنوات اعتقد خلالها كل من الحزب وايران ان الكلمة الاخيرة في المنطقة هي لهما».
لكن كل هذا الهجوم على الحكومة ورئيسها وعلى السعودية وسفيرها في لبنان لن يؤثر في عمل الحكومة التي استغرق تأليفها أحد عشر شهرا ولن يكون له تداعياته السلبية على الحوار مع تيار المستقبل. فرغم خطاب السيد نصر الله المتوتر والغاضب الا أنه اعلن تمسكه بالحوار مع تيار المستقبل. ومرت جلسة مجلس الوزراء الاخيرة بعتب من وزراء حزب الله على كلمة رئيس الحكومة في القمة العربية دون ان تكون هناك تبعات لهذا الخلاف. وكأن حزب الله من تصعيده الكلامي في جميع الاتجاهات اراد ان يقول لجمهوره انه لايزال قادرا على التصعيد رغم التغيرات الاقليمية الكبيرة والمفاجئة. موقف يبقى رهنا بالتطورات العسكرية في اليمن والمفاوضات النووية مع إيران.