خطابٌ واحد في البلد يقابله لا خطابات تابعة، وسيتأكد ذلك مجدداً مع الكلمة التي سيلقيها الأمين العام لـ”حزب الله” في الذكرى السنوية الثانية لإغتيال قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني بصواريخ اميركية على طريق مطار بغداد الدولي.
ستكون الكلمة على الأرجح مخصصة للحديث عن مزايا القائد الإيراني وأدواره في الدول العربية، وستخلص الى التأكيد على شعار إزالة الوجود الأميركي من المنطقة، الذي رفعته إيران غداة مقتله. وللتأكيد على الأمر، سيجري استحضار بيانات “المقاومة العراقية” ضد الحضور الأميركي في العراق، ومعارك الحوثيين ضد التدخل الأميركي الصهيوني في اليمن، وسيتم تهديد اسرائيل بسبب اعتداءاتها المستمرة في سوريا وسط تساؤلات عن الهدف الأميركي من بناء أكبر سفارة لها في الشرق الأوسط في بيروت بالذات!
لن يحصل الوضع المأسوي اللبناني سوى على إشارات من حواضر البيت. فيها نصائح وتوجيهات لن تسهم في تغيير واقع الحال، باعتبار أن تغيير الحال من المحال وسط المعركة الكبرى ضد الوجود الإمبريالي الأميركي وتوابعه. تلك التفاصيل الداخلية لها اربابها. فليتحدث فخامة الرئيس عمّا يرتئيه. فليشكُ أمره للشعب، أو فليشكُ الشعب لأمره، لا فرق. وليطرح فخامته جدول أعمال لحوار لم يقدم عليه في سني عهده وها هو يتنبه له في مساءات أيامه.
وليتحدث رئيس الحكومة عما يجده مناسباً، فليختلف مع رئيس الجمهورية على مبدأ دعوة مجلس الوزراء الى الإجتماع، ما داما يتجاهلان الفاعل، وليُضِفْ بنداً الى جدول الاقتراح الحواري… فلا بأس في ذلك ما دام فخامته متمسكاً بثلاثية يمكن جعلها خماسية، وما دام رئيس الحكومة مصراً على جمع كل الأحزاب سواسية في بوتقة واحدة، ابتداء من “حزب الله” وصولاً الى الكتلة الوطنية، وما دام رافضاً للشائعات عن تدخل إيراني في لبنان.
ليس في لبنان سوى خطاب واحد، أما الخطابات الأخرى فترجمات بتصرف، قد يكون بعضها سيئاً للغاية، لكنه يؤدي دوراً في سد فجوات أو في تأمين فواصل إعلانية للخطاب المركزي. وهذا الأمر ليس جديداً. إنه ميزة السلطة في السنوات الأخيرة، هي التي قادت البلاد وشعبها الى الإفلاس والجوع والهجرة، رافعة راية النضال ضد اميركا وإسرائيل والكون بأكمله.
نقطة واحدة ينبغي تسجيلها لأصحاب الخطابات المُلحقة أَنهم وقعوا مرسوم دعوة الهيئات الناخبة. إنه إنجاز سيسمح بالقول انهم إلتزموا مرةً بالمواعيد الدستورية والقانونية… ربما من خارج النص الذي قد يلزمهم بإعادة النظر في ظروف قاهرة لا يستحيل استحضارها.