لا تزال الهجمات الدموية لتنظيم «داعش» في كل من الكويت وتونس وفرنسا والحسكة ترخي ظلالاً ثقيلة على المشهد الاقليمي كما الدولي الذي يشهد حرباً دولية على هذا التنظيم وارهابه المتنقل وانما من دون تحقيق اي تقدم ملموس حتى الساعة. فالحرب ضد الارهاب كما تقول اوساط ديبلوماسية في بيروت، امتدت فصولاً في العامين الماضيين ولكنها لم تحل دون تنامي «داعش» وامتلاكه قدرات متطورة على اكثر من صعيد عسكري وتقني ومادي، مما سمح له بمدّ شبكة عنكبوتية من الخلايا النائمة والناشطة تنتشر في اكثر من قارة وليس بلد او منطقة. واعتبرت الاوساط ان الاصداء سلبية كون الرسائل الدموية قد وصلت الى كل الاتجاهات وكرست لوحة من الرعب المتعدد الوجوه والبعيد عن السيطرة من خلال اي سياسات استباقية قد توهمت بعض العواصم الغربية الكبرى انها قادرة على تنفيذها في اي منطقة على الساحة الاقليمية او في مناطق الصراع في المنطقة من سوريا الى اليمن مروراً بالعراق وليبيا.
والسيناريوهات الارهابية التي ظهرت في الاسابيع الماضية لم تنته بعد كما كشفت الاوساط الديبلوماسية التي اوضحت ان التركيز على عمليات الاعدام الوحشية باساليب مبتكرة لذرع الرعب عبر صور الضحايا كما مشهد الجلادين، يمثل التكتيك الذي يعتمده هذا التنظيم الارهابي، لتحقيق الهدف الاول في روزنامته، وهو توسيع الشرخ الطائفي والمذهبي في المجتمعات وخصوصاً العربية قبل الغربية وتعميق مشاعر التطرف ورفع وتيرة الارهاب من خلال تنفيذ ضربات متفرقة من الصعب توقعها مهما كانت اجراءات الاجهزة الامنية والاستخبارية محكمة او حتى تحركات الارهابيين او المشتبه بانتمائهم الى تنظيمات ارهابية مرصودة على الصعيد الاستخباراتي كما حصل في فرنسا اخيراً.
واضافت ان التحذيرات الغربية والتي كان آخرها اعلان رئيس الوزراء البريطاني دايفيد كاميرون بالامس، ان تنظيم «داعش» يهدد بشنّ هجمات مروعة في بريطانيا.
من هنا فان اتساع مسرح العمليات الارهابية لا يعني بالضرورة تقلص هذا المسرح على الصعيد الاقليمي كما اوضحت الاوساط الديبلوماسية التي اكدت ان ظهور حالات من التطرف الشديد بشكل منفرد او عبر جماعات لا يتعدى عددها احياناً اصابع اليد الواحدة، هو بمثابة مؤشر على تغلغل عناصر من تنظيم «داعش» في بعض المناطق اللبنانية وخصوصاً تلك التي تتركز فيها بعض مخيمات النزوح السوري او في مناطق اخرى بعيدة عن هذه المخيمات. وانطلاقاً من هذا الواقع فان الخطط الامنية والاجراءات المتخذة على هذا المستوى والتي يبقى بعضها في الحلقات الضيقة وذلك كدلالة على خطر هذه الخلايا، ستشهد تصاعداً في المرحلة المقبلة في ضوء التنسيق الامني الوثيق بين كل الاجهزة الامنية والذي نجح حتى الساعة في تحقيق العديد من الانجازات، كما قالت الاوساط الديبلوماسية التي اعتبرت ان الساحة اللبنانية لا تزال محصنة في وجه الارهاب والشبكات الارهابية وان هذا التنسيق هو الذي سمح باستمرار المظلة الواقية للاستقرار الامني وليس اي عامل آخر محلي او خارجي.