Site icon IMLebanon

مرجع روحي «يَسخر» من المواقف من قانون الإنتخاب؟!

 

يدور جدلٌ عميق في أكثر من صالون سياسي وروحي وحزبي حول بعض من مواد قانون الانتخاب الجديد الذي عبّر واضعوه عن نظرتهم المختلفة بعد صدوره. وهو ما قاد مرجعاً روحياً إلى القول ساخراً «إنّ أعضاء اللجنة الوزارية المكلفة هذا الملف قدِموا من كوكب آخر للبحث في مشروع وضِع في زمن غابر». فما هي المؤشرات إلى قراءته؟

قد تكون المرّة الأولى التي يتعرّض فيها قانون بحجم قانون الانتخاب وقبل أن يجفّ حِبره، لسَيلٍ مِن المواقف المتناقضة الساخرة منه والمشكّكة في كثير ممّا قال به تزامُناً مع الادّعاء بأنه إنجازٌ للعهد وحكومته، لِما تضمّنَ من بنود عُدَّت أنّها «إصلاحية وسحرية».

فتعدّدت الاقتراحات السرّية والعلنية داعيةً الى تعديله لاعتقاد أصحابها انّها ضرورية لتسهيل فهمِه وتطبيقه في افضل الظروف التقنية واللوجستية والإدارية التي شاءَها واضعوه.

وليس سرّاً القول إنّ معظم هذه الاقتراحات جاءت من قيادات وشخصيات ساهمت في وضعِه. فلا ينكِر أحد انّ القانون جاء بعد سنوات عدة تبخّرت فيها وعود وتعهّدات كثيرة قطعَها المجلس النيابي للمرّة الأولى عقب انتخابات 2005 وجدّدها عام 2009 عندما طلبَ مهلة سنةٍ على أبعدِ تقدير لوضعِ القانون الانتخابي الجديد للتخلّص من قانون الستين المعدّل في الدوحة وللخروج من النظام الأكثري إلى النظام النسبي لتتوزّع المقاعد النيابية نسبياً بين الفئات اللبنانية على قياس أحجامها، والخروج من منطق الغالب والمغلوب وتحصيل حقوق «الفئة المهمّشة» التي كان النظام الأكثري سبباً فيها.

وعلى رغم عبور كثيرٍ مِن المراحل والفرَص التي ضاعت واحدةً بعد أخرى قبل الخروج بالقانون «العصري الموعود»، فقد جاءَت موازين القوى الجديدة التي اعقبَت انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية لتحيي البحثَ فيه مجدّداً، وخصوصاً من الناحية التي ألغى فيها اعتماد «الصوت التفضيلي» الواحد كثيراً من مميّزات «النظام النسبي» المنشود حصراً، فتمّ التوصّل – في نظر كثيرين – الى قانون هجين حملَ في متنه ما يكفي من عناصر الخلاف التي يمكن ان تؤدّي الى تفجيره والعجز عن تطبيقه من الداخل.

وما زاد في الطين بلّة اكتشافُ «أبطال» القانون الجديد أنّه رسَم سقوفاً وخطوطاً حمراً تَحول دون تحالفِهم في دوائر معيّنة وتدعوهم إلى التلاحم في دوائر أخرى، فاختلط الحابل بالنابل وضاعت الموازين والمقاييس التي حكمت المرحلة التي قادت إليه بحثاً عن أخرى فيها ما يكفي من المفاجآت والانقلابات المنتظرة.

وعلى سبيل المثال لا الحصر فقد اكتشف البعض أنّ اعتماد البطاقة الانتخابية البيومترية أمرٌ دونه عقبات كبيرة لوجستية وتقنية زادت من حدّةِ الانقسام السياسي حولها.

وخصوصاً بعدما تبيّن انّها ستكون أداةَ قوّةٍ في يد بعض القوى للتحكّم بمجريات العملية الإنتخابية في كثير من الدوائر، ونقطة ضعفٍ تُقارب الفخّ بالنسبة الى البعض الآخر.

وتناسى الطرَفان انّ الحجّة التي اعتُمدت للتمديد عام 2016 استندت الى الحاجة لمثلِ هذه البطاقة، وأنّ ضيق الوقت الفاصل عن موعد الانتخابات الذي كان مقرّراً في أيار 2016 قبل نهاية ولاية المجلس في 21 حزيران منه، لا يَسمح بانتخابات «حرّة ونزيهة» تعكس الأهدافَ التي رسَمها أو حدّدها القانون الجديد، فكان هذا التمديد بوّابةً إلى تأجيل الاستحقاق الذي كان ضاغطاً على الجميع لا أكثر ولا أقلّ، من دون أن يشكّلَ بداية خريطةِ طريق واضحة لترجمةِ تلك الأهداف بعدما تعدَّدت العوائق وبرَزت أخرى زادت من الصعوبات المتوقّعة التي تواجه الاستحقاقَ المقبل.

ومِن هذه النقطة بالذات، بالإضافة الى الآليات التي تناوَلت حقّ المغتربين في الإقتراع وغيرها من تلك التي ارتبَطت بوجود البطاقة أو عدمِه وإنشاء المراكز الكبرى (MEGA CENTER) التي توفّر الحقّ للناخب بالاقتراع في مكان قريب من سكنِه بدلاً من مسقط رأسه انطلقَ مرجع روحي كان يشارك في حلقةِ نقاشٍ خُصصت لهذه الغاية من جملة انتقادات قاسية انطلاقاً من نوع الجدل القائم اليوم في اللجنة الوزارية حول هذه البطاقة وطريقة إنجازها وكلفتِها عن طريق المناقصة او بالتراضي.

كما بالنسبة الى مَن تخصّص لروّاد المراكز الانتخابية الكبرى او لجميع الناخبين والتسجيل المسبق لهم بعد سقوط مشروع تحويلها من «بطاقة انتخابية» صرف الى «هوية بيومترية». فاعتبر أنّ الجدل القائم، أو ما تسرّبَ منه على الأقل، هو خارج كلّ منطق سياسي وإداري وانتخابي».

ويضيف «أنّ أخطر ما فيه أنّه يحمل بذور تشكيكٍ بوجود صفقات مالية بالتراضي وبأرقام خيالية مغلّفة بالحاجة الى توفير المقوّمات اللوجستية للانتخابات المقبلة، عدا ما رافقها من اتهامات على صفحات كلّ الوسائل الإعلامية بهدر المال العام وتوفير تنفيعات لشركات محلية وأجنبية، وكلّ ذلك يجري على وقع الوعود بانتخابات شفّافة لم يشهد لبنان مثيلاً لها سابقاً، وهو أمر لا يمكن القبول به».

والأخطر، يقول المرجع نفسُه، «ما الذي يضمن أن يؤدّي هذا الجدل اليوم والذي بلغ مرحلة الدعوة الى تبادلِ الحقائب بين الداخلية والخارجية لتجري الانتخابات وفق القانون الجديد وفي افضلِ الظروف الى ما يشبه الدعوة الاستباقية الى تأجيل الانتخابات مرّة جديدة والتمديد الرابع للمجلس النيابي. وكلّ ذلك يزيد من نسبةِ الشكوك التي تتحدّث عنها بعض الأحزاب والقوى السياسية بموعد الانتخابات المقبلة، طالما إنّ بعضهم يَعجز عن تقدير النتائج التي يمكن ان تؤدي اليها من اليوم وقبل فتحِ صناديق الاقتراع.

ومن دون الدخول في كثير من التفاصيل السلبية، ينتهي المرجع الى القول «إنّ الحديث المتنامي عن مواجهة سعودية ـ ايرانية قد يكون لبنان مسرَحاً لها يزيد من حجمِ القلق على الانتخابات المقبلة، وهو يأمل بخطوات تنهي هذه الشكوك وتبعِد شبحَ «الزلازل» السياسية التي يمكن أن تؤدّي إلى التمديد مرّة رابعة، متمنّياً أن يكون مخطئاً إلى حدّ بعيد وأن لا يصحّ القول إنّ «مَن دسّ السمّ في القانون آكله»، لا بل فهو مستعدّ للتراجع عن كلّ هذا المنطق السلبي إذا وجَد ما يؤدي إلى قراءة معاكسة لأجواء التشاؤم التي يعيشها.