غابت «المبادرات الاصلاحية» و»الانقاذية» وعلقت الوساطات الايلة الى تشكيل «حكومة الانقاذ»، وقد تراجعت الى ما يقارب الصفر، وبقي «سيد العهد العوني» متربعا على كرسيه، في القصر الجمهوري، ولا هم له سوى المضي في ذلك، وقد بات على مسافة سنة ونصف السنة من نهاية ولايته… واللبنانيون، على وجه العموم يعانون امر ما مر عليهم من ازمات، ولا من يسأل ولا من يحاسب…؟!
اهمل المجلس النيابي واجباته ومهماته، في المساءلة والمحاسبة، ولا مبرر لذلك، وادار ظهره لما يعانيه لبنان واللبنانيون، من ازمات وويلات، متعددة العناوين والمضامين السياسية والاقتصادية والمالية والمعيشية، وقد اصبح اكثر من نصف اللبنانيين تحت خط الفقر، على ما قال البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، وبالكاد يجدون في جيوبهم ثمن ربطة خبز واحدة… وقد تكدس الاهتراء والفساد والفوضى والبلبلة والمحسوبيات، التي اصبحت احد ابرز عناوين «العهد» وطالت الجسم القضائي، بالتقاطع مع العرقلة المتعمدة والمتمددة لتشكيل. «حكومة الانقاذ» المطلوبة بإلحاح، دوليا وداخليا، «والخلاصة لا تأليف ولا حكومة ولا من يحزنون..» ؟!
ادارت «المنظومة القابضة على السلطة» الظهر لكل المناشدات، وقد تمادت في سلوك التصعيد العبثي، واضاعة الوقت، عن سابق تصور وتصميم، ووضع العراقيل في وجه كل ما من شأنه اخراج البلد من ازماته، وتحرير اللبنانيين من الضغوط التي تتراكم، والهوة تتسع يوما بعد يوم، بين «العهد العوني وفريقه بقيادة جبران باسيل، وبين سائر الافرقاء اللبنانيين، من غير تمييز بين فريق واخر…»؟!
احست «مرجعيات روحية»، مارونية وكاثوليكية وارثوذكسية وسنية وشيعية، وغير ذلك، بخطورة ما ال اليه وضع البلد واهله، وهو يتنافى مع الدعوات الالهية للحق والعدل وايفاء كل ذي حق حقه… وقد المهم واثقل على ضمائرهم ما بلغت اليه احوال البلد والناس من فقر وجوع وحرمان وقهر، من غير تمييز مناطقي او ديني او طائفي، جراء غياب السلطة المعنية والمسؤولة عن ابسط واجباتها، ما افقدها شرعيتها، وقد كان «الجامع المشترك» في مواجهة «المنظومة الحاكمة» الموصوفة بأنها «عصية على امر الله»، توسعت المرجعيات الروحية، كل على طريقته في الاتهام والادانة، وقد شددوا على وجوب تشكيل حكومة تتمتع بالصدق والكفاءة والقدرة على التعاطي مع الشأن العام، وحسن الحوكمة، يتم تأليفها بمنطوق الدستور وروحه وبالمساوات الميثاقية، بعيدا من المحاصصات واستغلال الطوائف وتوزيع المغانم… كما وعلى قاعدة «الساكت عن الحق شيطان اخرس…» وعل قاعدة الحاجة الى الخلاص في هذه المرحلة الصعبة «حيث ان ما يعانيه اللبنانيون وما يكابدونه، مخز ومعيب… ولا ذنب لهم سوى انهم وثقوا بزعماء وتبعوهم، لكن هؤلاء الزعماء «خانوا ثقة الشعب وعملوا لمصالحهم، ولو على حساب المصلحة العامة…» وقد خاطب المطران الياس عوده المواطنين قائلا: «يا من تعانون من تحكم المسؤولين و تدفعون ثمن اخطائهم وانانياتهم و تمسكهم بمكتسباتهم على حساب حياتكم، ماذا تكسبون؟ متسائلا «الم يوحدكم الجوع واليأس والبطالة والتشرد… هل ما زلتم تصدقون شعاراتهم…»؟!
اجمعت «المرجعيات الروحية» على «تحميل العهد العوني مسؤولية ما الت اليه الاوضاع، بدأ من الفراغ الحكومي، وهم يشددون على «وجوب التشكيل في اسرع وقت…» حيث ان «التوافق بين رئيس الجمهورية و الرئيس المكلف قادر على ازالة العقبات من طريق ولادة حكومة قادرة على انجاز الاصلاحات المطلوبة دوليا وداخليا، وايقاف الهدر العام، وضبط مداخيل الدولة، كما ومداخيل المرفأ والمطار، واقفال معابر التهريب المستور والعلني…» لكن، وبكل اسف، فإن «الهم الحكومي غائب عن بال المسؤولين المعنيين، الذين يتلهون بالقشور، ويتخلون عن ابسط واجباتهم ويتصرفون بشعبوية لا تقود الا الى الفوضى وقسمة الشعب …»